يكن لمن تقدّم من أصحابنا على الشيخ ما يدانيهما جمعا واستيفاءً وجرحا وتعديلاً ، وقد لحظهما النجاشي رحمه الله في تصنيفه ، وكانا له من الأسباب الممدة والعلل المعدة ، وزاد عليهما شيئا كثيرا ، وخالف الشيخ في كثير من المواضع .
والظاهر في مواضع الخلاف وقوفه على ما غفل عنه الشيخ من الأسباب المقتضية للجرح في موضع التعديل ، والتعديل في موضع الجرح .
ب ـ تخصص النجاشي في علم الرجال وتفرغه له ، بخلاف الشيخ الطوسي فقد كان ـ كما هو معروف ـ مشاركا في علوم كثيرة ، فلم يتفرّغ لعلم الرجال .
ومن الطبيعي أنّ التفرغ يكسب صاحبه الخبرة الوفيرة والكبيرة في مجال التخصص .
ج ـ استمداد هذا العلم من علم الأنساب والآثار وأخبار القبائل والأمصار ، وهذا ممّا عُرف عن النجاشي رحمه اللهودلَّ عليه تصنيفه فيه واطلاع عليه ، كما يظهر من استطرداه بذكر الرجل ذكر أولاده وإخوته وأجداده ، وبيان أحوالهم ومنازلهم حتّى كأنّه واحد منهم .
د ـ إنّ أكثر الرواة عن الأئمّة عليهم السلام كانوا من أهل الكوفة ونواحيها القريبة ، والنجاشي كوفي، من وجوه أهل الكوفة ، من بيت معروف مرجوع إليه .
وظاهر الحال أنّه أخبرُ بأحوال أهله وبلده ومنشئه .
ه ـ اتصال النجاشي بابن الغضائري ، وهو من أعلام هذا العلم ، واستفادته منه بما انعكس على مؤلفه ، وبخلافه الشيخ الطوسي، فإنّه لم يقدّر له الاتصال به .
و ـ تقدم النجاشي واتساع طرقه ، وإدراكه كثيرا من المشايخ العارفين بالرجال ممّن لم يدركهم الشيخ ، كالشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي ، وأبي الحسن أحمد بن محمّد الجندي ، وأبي الفرج محمّد بن علي الكاتب وغيرهم .
6 . التعارض في قولي شخص واحد، كالتعارض بين قولي الشيخ الطوسي في