211
الضّعفاء من رجال الحديث ج1

من أصحابه عشرة ممّن يوثق به في دينه وأمانته وورعه ، فأحضرهم ، فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهارا ، فلم يزالوا هناك حتّى توفي عليه السلام ، فصارت سر من رأى ضجة واحدة . وبعث السلطان إلى داره من فتشها وفتش حجرها ، وختم على جميع ما فيها ، وطلبوا أثر ولده ، وجاؤوا بنساء يعرفن الحمل ، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهنَّ فذكر بعضهنَّ أنّ هناك جارية بها حمل فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم . ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته ، وعطّلت الأسواق ، وركبت بنو هاشم والقوّاد وأبي وسائر الناس إلى جنازته ، فكانت سر من رأى يومئذٍ شبيها بالقيامة . فلمّا فرغوا من تهيئته بعث السطان إلى أبي عيسى بن المتوكّل فأمره بالصلاة عليه ، فلمّا وضعت الجنازة للصلاة عليه ، دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقوّاد والكتّاب والقضاة والمعدلين، وقال : هذا الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه ، حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ، ومن القضاة فلان وفلان ، ومن المتطببين فلان وفلان ، ثُمَّ غطى وجهه وأمر بحمله ، فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه ؛ فلما دُفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور ، وتوقّفوا عن قسمة ميراثه ، ولم يزل الذين وكّلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لازمين حتّى تبين بطلان الحمل ، فلمّا بطل الحمل عنهنَّ قسّم ميراثه بين أُمه وأخيه جعفر ، وادعت أُمه وصيته ، وثبت ذلك عند القاضي ، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده ، فجاء جعفر بعد ذلك إلى أبي فقال : اجعل لي مرتبة أخي واوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار .
فزبره أبي وأسمعه وقال له : يا أحمق ، السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمّة ليردهم عن ذلك ، فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك أو أخيك إماما فلا حاجة بك إلى السلطان ، أن يرتبك مراتبهما ولا غير السلطان ، وإن


الضّعفاء من رجال الحديث ج1
210

قلت : ياأبة ، مَن الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والكرامة والتبجيل ، وفديته بنفسك وأبويك ؟
فقال : يا بني ، ذاك إمام الرافضة ، ذاك الحسن بن علي المعروف بابن الرضا . فسكت ساعة ، ثم قال : يا بني ، لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا ، وإنّ هذا ليستحقها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ، ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً ، نبيلاً ، فاضلاً .
فازددت قلقا وتفكرا وغيظا على أبي ، وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال ، فلم يكن لي همة بعد ذلك إلاّ السؤال عن خبره ، والبحث عن أمره ، فما سألت أحدا من بني هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس ، إلاّ وجدته عنده في غاية الإجلال والإعظام ، والمحل الرفيع ، والقول الجميل ، والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره عندي إذ لم أرَ له وليا ولا عدوا إلاّ وهو يحسن القول فيه ، والثناء عليه ، فقال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريين : يا أبا بكر ، فما خبر أخيه جعفر ؟
فقال : ومَن جعفر فتسأل عن خبره ؟ أويقرن بالحسن جعفر ، معلن الفسق ، فاجر ، ماجن ، شريب للخمور ، أقل من رأيته من الرجال وأهتكهم لنفسه ، خفيف ، قليل في نفسه ، ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ، ما تعجبت منه ، وما ظننت أنّه يكون ، وذلك أنّه لما اعتل بعث إلى أبي أنّ ابن الرضا قد اعتل ، فركب من ساعته ، فبادر إلى دار الخلافة ، ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلّهم من ثقاته وخاصته ، فيهم نحرير ، فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرّف خبره وحاله ، وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه ، وتعاهده صباحا ومساءً ، فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة اُخبر أنه قد ضعف ، فأمر المتطببين بلزوم داره ، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه ، وأمره أن يختار

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الأسدي، عادل حسن
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 179216
صفحه از 560
پرینت  ارسال به