من أصحابه عشرة ممّن يوثق به في دينه وأمانته وورعه ، فأحضرهم ، فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلاً ونهارا ، فلم يزالوا هناك حتّى توفي عليه السلام ، فصارت سر من رأى ضجة واحدة . وبعث السلطان إلى داره من فتشها وفتش حجرها ، وختم على جميع ما فيها ، وطلبوا أثر ولده ، وجاؤوا بنساء يعرفن الحمل ، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهنَّ فذكر بعضهنَّ أنّ هناك جارية بها حمل فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم . ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته ، وعطّلت الأسواق ، وركبت بنو هاشم والقوّاد وأبي وسائر الناس إلى جنازته ، فكانت سر من رأى يومئذٍ شبيها بالقيامة . فلمّا فرغوا من تهيئته بعث السطان إلى أبي عيسى بن المتوكّل فأمره بالصلاة عليه ، فلمّا وضعت الجنازة للصلاة عليه ، دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقوّاد والكتّاب والقضاة والمعدلين، وقال : هذا الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه ، حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ، ومن القضاة فلان وفلان ، ومن المتطببين فلان وفلان ، ثُمَّ غطى وجهه وأمر بحمله ، فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه ؛ فلما دُفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور ، وتوقّفوا عن قسمة ميراثه ، ولم يزل الذين وكّلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لازمين حتّى تبين بطلان الحمل ، فلمّا بطل الحمل عنهنَّ قسّم ميراثه بين أُمه وأخيه جعفر ، وادعت أُمه وصيته ، وثبت ذلك عند القاضي ، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده ، فجاء جعفر بعد ذلك إلى أبي فقال : اجعل لي مرتبة أخي واوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار .
فزبره أبي وأسمعه وقال له : يا أحمق ، السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أنّ أباك وأخاك أئمّة ليردهم عن ذلك ، فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك أو أخيك إماما فلا حاجة بك إلى السلطان ، أن يرتبك مراتبهما ولا غير السلطان ، وإن