وقد صنّف الشيخ الطوسي كتابه الاستبصار فيما اختلف من الأخبار وجمع فيه الأخبار المتعارضة ، والجمع بينها أو ترجيح خبر على آخر ، والنظر في أسانيد الأخبار ، فقال : «وإن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ينظر في المتعارضين ، فيعمل على أعدل الرواة في الطريقين» ۱ .
وقد رد جملة من الأخبار نظرا لضعف سندها .
3 . أجمع علماء الإمامية ، بل فِرَق المسلمين جميعا في العصور السابقة ، على العناية بالتأليف في علم الرجال وتدوينه ، منذ عصر الأئمّة عليهم السلام إلى يومنا هذا .
وقد التزم المحدثون والفقهاء ، في عامة العصور بنقل أسانيد الروايات ، والبحث عن أوصاف الرواة من حيث العدالة والوثاقة والدقّة والضبط ، ممّا يدلّ على أنّ معرفة رجال الروايات من دعائم الاجتهاد ، وقد تقدمت جملة من كلمات العلماء في ذلك .
نشأة علم الرجال وتطوّره
ظهرت بوادر ضرورة علم الرجال منذ عصر النبي صلى الله عليه و آله وسلم لوجود المنافقين والكذابين ، كما مارس الأئمّة عليهم السلام عملية الجرح والتعديل لبعض معاصريهم ، ثم بادر أصحابهم ومن جاء بعدهم في التأليف والتصنيف في علم الرجال ، ناقلين ما ورد في أحوال الرواة من توثيق وتضعيف .
وكلّما ابتعدنا عن عصر النصّ اشتدت الحاجة إلى معرفة أحوال الرواة ، وبمرور الزمن أصبحت لدينا بحوث وكتب ونتاج علمي واسع ، واتسع علم الرجال من حيث غزارة مادته والحاجة إليه ، وتطور مناهج البحث فيه ، وفي بحثنا هذا نحاول أن نعرّف بتأريخ علم الرجال ظهورا وتطورا من حيث المادة والمنهج فقد مرَّ بمراحل ثمان :
المرحلة الأُولى : عصر النبي صلى الله عليه و آله وسلم ، وذلك في معرفة المبرر الموضوعي ، ومشروعية علم الرجال .
المرحلة الثانية : عصر الأئمّة ، ووضع قواعد أساسية في الجرح والتعديل ،