37
الضّعفاء من رجال الحديث ج1

وقد صنّف الشيخ الطوسي كتابه الاستبصار فيما اختلف من الأخبار وجمع فيه الأخبار المتعارضة ، والجمع بينها أو ترجيح خبر على آخر ، والنظر في أسانيد الأخبار ، فقال : «وإن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ينظر في المتعارضين ، فيعمل على أعدل الرواة في الطريقين» ۱ .
وقد رد جملة من الأخبار نظرا لضعف سندها .
3 . أجمع علماء الإمامية ، بل فِرَق المسلمين جميعا في العصور السابقة ، على العناية بالتأليف في علم الرجال وتدوينه ، منذ عصر الأئمّة عليهم السلام إلى يومنا هذا .
وقد التزم المحدثون والفقهاء ، في عامة العصور بنقل أسانيد الروايات ، والبحث عن أوصاف الرواة من حيث العدالة والوثاقة والدقّة والضبط ، ممّا يدلّ على أنّ معرفة رجال الروايات من دعائم الاجتهاد ، وقد تقدمت جملة من كلمات العلماء في ذلك .

نشأة علم الرجال وتطوّره

ظهرت بوادر ضرورة علم الرجال منذ عصر النبي صلى الله عليه و آله وسلم لوجود المنافقين والكذابين ، كما مارس الأئمّة عليهم السلام عملية الجرح والتعديل لبعض معاصريهم ، ثم بادر أصحابهم ومن جاء بعدهم في التأليف والتصنيف في علم الرجال ، ناقلين ما ورد في أحوال الرواة من توثيق وتضعيف .
وكلّما ابتعدنا عن عصر النصّ اشتدت الحاجة إلى معرفة أحوال الرواة ، وبمرور الزمن أصبحت لدينا بحوث وكتب ونتاج علمي واسع ، واتسع علم الرجال من حيث غزارة مادته والحاجة إليه ، وتطور مناهج البحث فيه ، وفي بحثنا هذا نحاول أن نعرّف بتأريخ علم الرجال ظهورا وتطورا من حيث المادة والمنهج فقد مرَّ بمراحل ثمان :
المرحلة الأُولى : عصر النبي صلى الله عليه و آله وسلم ، وذلك في معرفة المبرر الموضوعي ، ومشروعية علم الرجال .
المرحلة الثانية : عصر الأئمّة ، ووضع قواعد أساسية في الجرح والتعديل ،

1.الاستبصار : ج ۱ ص ۴ .


الضّعفاء من رجال الحديث ج1
36

الرجال ؛ وذلك لأنّ فيه كشف المستور من أحوال الأفراد ، والشرع يحرّمه ، إضافةً إلى العلم بصحّة صدور روايات الكتب الأربعة ؛ الكافي ، وكتاب من لا يحضره الفقيه ، وتهذيب الأحكام ، والاستبصار. ۱
وقد تناول العلماء هذه الدعوى بالرد ، وإثبات عدم دقّتها وبطلانها لعدّة أسباب . وفيما يلي نذكر أهمها :
1 . وجود الوضاعين والكذابين والمدلّسين من الرواة في الكتب الأربعة وغيرها ، فلا يصح للفقيه الافتاء بمجرد الوقوف على الخبر من دون التعرف على الراوي وصفاته .
وقد كُذّب على رسول اللّه في عهده حتّى قام خطيبا فقال : «يا أيها الناس ، قد كثرت عليَّ الكذابة ، فمن كذب عليَّ متعمدا فليتبوء مقعده من النار» ۲ ، ثم كُذب عليه بعد وفاته صلى الله عليه و آله وسلم. ۳
وقال الصادق عليه السلام : «إنّا أهل البيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ، فيسقط صدقنا بكذبه علينا». ۴
2 . الرجوع إلى صفات الراوي في الأخبار العلاجية من حيث الأعدلية والأفقهية والأضبطية حتّى يرتفع التعارض بين الخبرين بترجيح أحدهماعلى ضوءهذه الصفات.
وأنّ إحراز هذه الصفات في الرواة لا يحصل إلاّ بمراجعة علم الرجال ، قال الإمام الصادق عليه السلام في الجواب عن سؤال عمر بن حنظلة عن اختلاف القضاة في الحكم مع إسناد اختلافهما إلى الاختلاف في الحديث : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما ، وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر». ۵

1.الفوائد المدنية : ص ۱۸۱ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۶۲ ح ۱ .

3.الكافي : ج ۱ ص ۶۲ ح ۱ ؛ نهج البلاغة : ج ۲ ص ۱۹۰ ؛ المعيار والموازنة : ص ۲۹۹ .

4.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۵۹۳ الرقم ۵۴۹ .

5.الكافي : ج ۱ ص ۶۸ ح ۱۰ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۳ ص ۸ ؛ تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۲۰۲ .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الأسدي، عادل حسن
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154544
صفحه از 560
پرینت  ارسال به