77
الضّعفاء من رجال الحديث ج1

يقول الشيخ الطوسي في فصل خبر الواحد : «إنا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، فوثقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، فرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لايعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذموا المذموم . وقالوا : فلان متهم في حديثه ، وفلان كذّب وفلان خلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد، وفلان واقفي ، فلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها وصنفوا في ذلك الكتب ، واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتّى أن واحدا منهم إذا أنكر حديثا نظر في إسناده وضعفه برأيه ، هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه ، لا تنخرم فلولا أنّ العمل بما يسلم من الطعن ، ويرويه من هو موثق به جائز ، لما كان بينه وبين غيره فِرَق ، وكان يكون خبره مطروحا مثل خبر غيره ، فلا يكون فائدة لشروعهم فيما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق وترجيح الأخبار بعضها على بعض ، وفي ثبوت ذلك دليل على صحّة ما اخترنا. ۱
أضف إلى ذلك أنّ سيرة العقلاء قائمة على الأخذ بخبر الواحد الثقة في الموضوعات الخارجية غير المشروطة ؛ لأنّ الاطمئنان والاعتبار يحصل بأخباره كما لو كان شخص يسير في طريق غير معبّد ، وفيه قطّاع طرق وحيوانات مفترسة ، وأخبر مخبر يوثق به ويطمأن لكلامه بأنّ الطريق مقطوع ، وأنّ ما يحتمله قد حصل ، فإنّه يحصل لديه الاطمئنان والاعتبار ، لكلام المخبر الثقة .
فكذا الأمر في رجال الحديث بعد القطع بوجود الكذّابين والوضاعين في طرق وأسانيد الأخبار ، ويأتي من نطمئن ونثق به ويقول : «إنّ فلانا ضعيف أو كذّاب أو وضّاع» فنقبل قوله ، ونعتمد على خبر الواحد الثقة حسيّا كان أو حدسيّا ، والحدسي إنّما يبقى قائما يعتمد عليه حتّى يأتي خبر حسي ، فيقدّم الحس على الحدس .

1.العدّة في أُصول الفقه : ج ۱ ص ۱۴۲ ـ ۱۴۳ ؛ المحكم في اُصول الفقه : ج ۳ ص ۲۷۲ .


الضّعفاء من رجال الحديث ج1
76

فأذاقه اللّه حر الحديد ، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر عليه السلام فأذاقه اللّه حر الحديد ، وكان محمّد بن بشير يكذب على أبي الحسن موسى عليه السلام فأذاقه اللّه حر الحديد ، وكان أبو الخطّاب يكذب على أبي عبداللّه عليه السلام فأذاقه اللّه حر الحديد ، والذي يكذب عليَّ محمّد بن فرات .
قال أبو يحيى : وكان محمّد بن فرات من الكتّاب ، فقتله إبراهيم بن شكله، ۱ والراواية صحيحة ، ويستدلّ بها على تضعيف من ذكروا في متن الرواية ، وأمثال ذلك كثير تجده مبثوثا في كتابنا إن شاء اللّه تعالى .

ثانيا ـ النصّ من أحد العلماء المتقدّمين

وممّا يثبت الضعف والجرح نصّ أحد الأعلام المتقدّمين ، كالبرقي ، والعيّاشي ، وابن فضّال ، وابن شاذان ، والكشّي ، والصدوق ، والمفيد ، وابن عقدة ، والعقيقي ، والشيخ الطوسي ، والنجاشي ، وابن الغضائري ، وأضرابهم . وذلك من جهة الشهادة أو حجية خبر الثقة أو رأيا اجتهاديا .
وقد اشتهر بين العلماء الأُصوليين حجية خبر الواحد الثقة ، وأنّها لا تختص بالأحكام الشرعية ، بل تعم الموضوعات الخارجية أيضا إلاّ ما قام الدليل على اعتبار التعدد فيه ، كما في المرافعات ، كما لا تعتبر العدالة في حجية الخبر ، بل الوثاقة ، لذا نعتمد على توثيقات وتضعيفات ابن فضّال وابن عقدة .
وحتّى من رد خبر الواحد الثقة في الروايات والأحكام الشرعية ، لم يرده في الموضوعات الخارجية التي لا يشترط في اعتبارها التعدد ـ والتي منها علم الرجال ـ لأنّ تطبيقه في مثل هذا يؤدي إلى عدم اعتبار علم الرجال ؛ لأنّه قائم على شهادة الواحد العدل الثقة ، وخبر الواحد الثقة ممّا يؤدي إلى بطلان الحديث ، وهذا ما لم يقل به أحد ، بل نجد سيرة العلماء قائمة على الاعتماد على ما جاء عن الواحد من العلماء الثقات في الجرح والتعديل .

1.رجال الكشّي: ج ۲ ص ۵۹۱ الرقم ۵۴۴ .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الأسدي، عادل حسن
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 149806
صفحه از 560
پرینت  ارسال به