أقوال العلماء فيه :
قال الشيخ في الفهرست : «قال أحمد بن عبدون : وفي أحاديث العقيقي مناكير ـ قال : ـ وسمعنا ذلك منه في داره بالجانب الشرقي من سوق العطش بدرب الشواء لصيق دار أبي القاسم اليزيدي البزّاز» ۱ .
وقال في رجاله : «روى عنه ابن أخي طاهر ، مخلّط» ۲ .
واعتماداً على قول ابن عبدون والشيخ الطوسي ذكره العلاّمة في القسم الثاني من الخلاصة المختصّ بالضعفاء ۳ ، وابن داوود في الجزء الثاني من رجاله المختصّ بالمجروحين ۴ ، والجزائري في القسم الرابع من رجاله المختصّ برواة الضعاف ۵ ، ومحمّد طه نجف في القسم الثالث من رجاله المختصّ بالضعفاء ۶ .
وقد استدلّ على وثاقته بأُمور ، منها :
1 ـ اعتماد العلاّمة الحلّي وابن داوود الحلّي على علي بن أحمد العقيقي ، وقد استشهدا بكلامه في عدّة موارد ، وكان كتابه في الرجال أحد المصادر المعتمدة لديهما .
ولايستفاد من اعتمادهما وثاقته ؛ لأنّهما يجتزئان في المدح والقدح بما يوجب الظنّ ، ويجزئ بمثله في عدم المعارض ، وقد ذكراه في الضعفاء ولم يعدّاه من
الموثّقين رغم اعتمادهما على رجاله .
2 ـ ما رواه الصدوق في كمال الدين والطوسي في الغيبة ـ واللّفظ للشيخ ـ : أخبرنا جماعة ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ابن أخي طاهر ببغداد ـ طرف سوق القطن ـ في داره قال : قدم أبو الحسن علي بن أحمد بن علي العقيقي بغداد إلى علي بن عيسى بن الجرّاح ، وهو يومئذٍ وزير في أمر ضيعة له ، فسأله فقال له : إنّ أهل بيتك في هذا البلد كثير ، فإن ذهبنا نعطي كلّ ما سألونا طال ذلك ، أو كما قال ، فقال له العقيقي : فإنّي أسأل من في يده قضاء حاجتي ، فقال له علي بن عيسى : من هو ذلك؟ فقال : اللّه جلّ ذكره ، فخرج وهو مغضب ـ قال : ـ فخرجت وأنا أقول : في اللّه عزاء من كلّ هالك ، ودرك من كلّ مصيبة ـ قال : ـ فانصرفت ، فجاءني الرسول من عند الحسين بن روح رضى الله عنه ، فشكوت إليه ، فذهب من عندي فأبلغه ، فجاءني الرسول بمئة درهم عدد ووزن مئة درهم ومنديل وشيء من حنوط وأكفان ، وقال لي : مولاك يقرئك السلام ويقول : «إذا همّك أمر أو غمّ فامسح بهذا المنديل وجهك ؛ فإنّ هذا منديل مولاك ، وخذ هذه الدراهم وهذا الحنوط وهذه الأكفان ، وستقضى حاجتك في هذه اللّيلة ، فإذا قدمت إلى مصر مات محمّد بن إسماعيل من قبلك بعشرة أيّام ، ثمّ مت بعده ، فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وهذا جهازك» .
ـ قال : ـ فأخذت ذلك وحفظته وانصرف الرسول ، وإذا أنا بالمشاعل على بابي والباب يدقّ ، فقلت لغلامي خير : يا خير ، انظر أيّ شيء هو ذا؟ فقال : هذا غلام حميد بن محمّد الكاتب ابن عمّ الوزير ، فأدخله إليّ ، فقال لي : قد طلبك الوزير ويقول لك مولاي حميد : اركب إليّ ـ قال : ـ فركبت وفتحت الشوارع والدروب وجئت إلى شارع الوزّانين ، فإذا بحُميد قاعد ينتظرني ، فلمّا رآني أخذ بيدي وركبنا ، فدخلنا على الوزير ، فقال لي الوزير : يا شيخ ، قد قضى اللّه حاجتك ، واعتذر إليّ ، ودفع إليّ الكتب مكتوبة مختومة قد فرغ منها ـ قال : ـ فأخذت ذلك
وخرجت ـ قال: ـ وقال أبو محمّد الحسن بن محمّد: فحدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي بنصيبين بهذا وقال لي : ما خرج هذا الحنوط إلاّ إلى عمّتي فلانة ـ فلم يسمّها ـ وقد نعيت إليّ نفسي ، وقد قال لي الحسين بن روح رحمه الله : إنّي أملك الضيعة وقد كتب لي بالذي أردت ، فقمت إليه وقبّلت رأسه وعينيه وقلت له : يا سيّدي ، أرني الأكفان والحنوط والدراهم ـ قال : ـ فأخرج لي الأكفان ، فإذا فيه برد حبر مسهم من نسج اليمن وثلاثة أثواب مروي وعمامة ، وإذا الحنوط في خريطة ، فأخرج الدراهم فوزنها مئة درهم وعددها مئة درهم ، فقلت له : يا سيّدي ، هب لي منها درهماً أصوغه خاتماً ، فقال : كيف يكون ذلك؟! خذ من عندي ما شئت ، فقلت : أُريد من هذه وألححت عليه وقبّلت رأسه (وعينيه) ، فأعطاني درهماً شددته في منديلي وجعلته في كمّي ، فلمّا صرت إلى الخان فتحت زنفيلجة معي ، وجعلت المنديل في الزنفيلجة وفيه الدرهم مشدود ، وجعلت كتبي ودفاتري فيها ، وأقمت أيّاماً ، ثمّ جئت أطلب الدرهم فإذا الصرّة مصرورة بحالها ولاشيء فيها ، فأخذني شبه الوسواس ، فصرت إلى باب العقيقي ، فقلت لغلامه خير : أُريد الدخول إلى الشيخ ، فأدخلني إليه ، فقال لي : ما لك يا سيّدي؟ فقلت : الدرهم الذي أعطيتني ما أصبته في الصرّة ، فدعا بزنفيلجة وأخرج الدراهم فإذا هي مئة عدداً ووزناً ، ولم يكن معي أحد اتّهمه فسألته ردّه إليّ ، ثمّ خرج إلى مصر وأخذ الضيعة ، ومات قبله محمّد بن إسماعيل بعشرة كما قيل ، ثمّ توفّي رحمه اللهوكفّن في الأكفان التي دفعت إليه ۷ .
وسند هذا الخبر ضعيف بالحسن بن محمّد بن يحيى العلوي الكذّاب الوضّاع ، فلا تثبت به وثاقته أو مدحه .
3 ـ اعتماد ابن الغضائري عليه ، حيث قال في الحسن بن محمّد العلوي : «كان كذّاباً يضع الحديث ... . وما تطيب الأنفس من روايته إلاّ فيما رواه من كتب جدّه التي
رواها عنه غيره ، وعن علي بن أحمد بن علي العقيقي من كتبه المصنّفة المشهورة» ۸ .
وفي قول ابن الغضائري إشعار بالاعتماد على كتبه المشهورة ومدح وتوثيق له .
أقول : إنّ ألفاظ التجريح التي قالها ابن عبدون والشيخ الطوسي لا تدلّ على جرحه وعدم وثاقته ؛ لأنّ معنى المناكير : الأعاجيب ، والمنكر : ما لا موافق له في مضمونه من كتاب أو سنّة ۹ ، والتخليط والمخلّط : التساهل في رواية الحديث ، فلا يبالي عمّن يروي وعمّن يأخذ ، ويجتمع بين الغثّ والسمين العاطل والثمين ۱۰ .
ويظهر أنّها ليست طعناً في وثاقه الرجل وعدالته ، وإنّما في حمله للحديث وروايته . ولعلّ التخليط ورواية المناكير كانا بسبب رواية الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ابن أخي طاهر الكذّاب الوضّاع المخلّط . ولأجل وقوع الحسن بن محمّد العلوي في طريق ابن عبدون والطوسي حكما على السيّد العقيقي ولم يلتفتا إلى أنّ العيب في الطريق .
وقد أدرك المدقّق الخبير ابن الغضائري الحقيقة ، وهي أنّ سبب التخليط هو ما كان مرويّاً بطريق الحسن بن محمّد بن يحيى وانحصر عنه ، وما اشتهر عن العقيقي بطرق أُخرى صحيحة فيمكن الاعتماد عليه .
إذاً ، لم يثبت ضعف السيّد علي بن أحمد العقيقي ، وأنّ رواية المناكير والتخليط في روايته نشآ من الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ابن أخي طاهر .
1.الفهرست : ص ۱۶۲ الرقم ۴۲۴ .
2.رجال الطوسي : ص ۴۳۴ الرقم ۶۲۱۷ .
3.خلاصة الأقوال : ص ۳۶۵ .
4.رجال ابن داوود : ص ۲۶۰ .
5.حاوي الأقوال : ج ۴ ص ۲۹ ـ ۳۱ .
6.إتقان المقال : ص ۳۲۴ .
7.الغيبة للطوسي : ص ۳۱۷ ح ۲۶۵ ، كمال الدين : ص ۵۰۵ ح ۳۶ .
8.الرجال لابن الغضائري : ص ۵۴ الرقم ۴۱ .
9.أُصول الحديث للفضلي : ص ۱۲۴ ـ ۱۲۵ .
10.أُصول الحديث : ص ۱۲۵ ، منتهى المقال : ج ۴ ص ۳۴۱ ، مقباس الهداية : ج ۲ ص ۳۰۲ .