139
الضّعفاء من رجال الحديث ج3

أقوال العلماء فيه :

قال الكشّي في محمّد بن بشير : وهو نادر طريف من اعتقاده في موسى بن جعفر .
1 . قال أبو عمرو : إنّ محمّد بن بشير لمّا مضى أبوالحسن عليه السلام ، ووقف عليه الواقفة ، جاء محمّد بن بشير ، وكان صاحب شعبذة ومخاريق معروفا بذلك ، فادّعى أنّه يقول بالوقف على موسى بن جعفر عليه السلام ، وأنّ موسى عليه السلام هو كان ظاهرا بين الخلق يرونه جميعا ، يتراءى لأهل النور بالنور ، ولأهل الكدورة بالكدورة ، في مثل خلقهم بالإنسانية والبشرية اللحمانية ، ثم حجب الخلق جميعا عن إدراكه ، وهو قائم بينهم موجود كما كان ، غير أنّهم محجوبون عنه ، وعن إدراكه ، كالذي كانوا يدركونه .
وكان محمّد بن بشير ، هذا من أهل الكوفة ، من موالي بني أسد ، وله أصحاب قالوا : إنّ موسى بن جعفر لم يمت ولم يحبس ، وأنّه غاب واستتر وهو القائم المهدي ، وأنّه في وقت غيبته استخلف على الأُمة محمّد بن بشير ، وجعله وصية وأعطاه خاتمة وعلمه جميع ما يحتاج إليه رعيته من أمر دينهم ودنياهم ، وفوض إليه جميع أمره وإقامه مقام نفسه ، فمحمّد بن بشير الإمام بعده .
2. حدّثني محمّد بن قولويه ، قال : حدّثني سعد بن عبداللّه القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن عثمان بن عيسى الكلابي ، أنّه سمع محمّد بن بشير ، يقول : الظاهر من الإنسان آدم ، والباطن أزلي ، وقال : إنّه كان يقول بالاثنين ، وأنّ هشام بن سالم ناظره عليه فأقرَّ به ولم ينكره .
وإنّ محمّد بن بشير لما مات أوصى إلى ابنه سميع بن محمّد فهو الإمام ، ومن أوصى إليه سميع فهو إمام مفترض الطاعة على الأُمة إلى وقت خروج موسى بن جعفر عليه السلام وظهوره ، فما يلزم الناس من حقوقه في أموالهم وغير ذلك ممّا يتقربون به إلى اللّه تعالى فالفرض عليه أداؤه إلى أوصياء محمّد بن بشير إلى قيام القائم .
وزعموا أنّ علي بن موسى عليه السلام وكلّ من ادّعى الإمامة من ولده وولد موسى عليه السلام مبطلون كاذبون غير طيبي الولادة ، فنفوهم عن أنسابهم ، وكفروهم لدعواهم الإمامة ، وكفروا القائلين بإمامتهم واستحلوا دماءهم وأموالهم .
وزعموا أنّ الفرض عليهم من اللّه تعالى إقامة الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان ، وأنكروا الزكاة والحج وسائر الفرائض ، وقالوا بإباحة المحارم والفروج والغلمان ، واعتلوا في ذلك بقول اللّه تعالى «أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَ إِنَـثًا »۱ ، وقالوا بالتناسخ والأئمة عندهم واحد واحد ، إنّما هو منتقلون من قرن إلى قرن ، والمؤاساة بينهم واجبة في كل ما ملكوه من مال أو خراج أو غير ذلك ، وكلما أوصى به رجل في سبيل اللّه فهو لسميع بن محمّد وأوصيائه من بعده ، ومذاهبهم في التفويض مذاهب الغلاة من الواقفة ، وهم أيضا قالوا بالحلال .
وزعموا أنّ كلّ من انتسب إلى محمّد فهم بيوت وظروف ، وأنّ محمّدا هو رب ، حلَّ في كلّ من انتسب إليه ، وأنّه لم يلد ولم يولد ، وأنّه محتجب في هذه الحجب .
وزعمت هذه الفرقة والمخمسة والعلياوية وأصحاب أبي الخطّاب أنّ كلّ من انتسب إلى أنّه من آل محمّد فهو مبطل في نسبته مفتر على اللّه كاذب ، وأنّهم الذين قال اللّه تعالى فيهم أنّهم يهود ونصارى ، في قوله : «وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَـرَى نَحْنُ أَبْنَـؤُاْ اللَّهِ وَأَحِبَّـؤُهُو قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ »۲ محمّد في مذهب الخطّابية، وعلي في مذهب العلياوية ، فهم ممّن خلق هذان ، كاذبون فيما
ادعوا من النسب إذا كان محمّد عندهم ، وعلي هو رب لا يلد ولا يولد ولا يستولد ، تعالى اللّه عمّا يصفون ، وعمّا يقولون علوا كبيرا .
وكان سبب قتل محمّد بن بشير لعنه اللّه ، أنّه كان معه شعبذة ومخاريق فكان يظهر الواقفة ، أنّه ممّن وقف على علي بن موسى عليه السلام ، وكان يقول في موسى بالربوبية ، ويدّعي في نفسه أنّه نبي ، وكان عنده صورة قد عملها وأقامها شخصا كأنّه صورة أبي الحسن عليه السلام من ثياب حرير ، وقد طلاها بالأدوية وعالجها بحيل عملها فيها حتّى صارت شبيها بصورة إنسان ، وكان يطويها فإذا أراد الشعبذة نفخ فيها فأقامها ، فكان يقول لأصحابه : إنّ أبا الحسن عليه السلام عندي ، فإن أحببتم أن تروه وتعلموه إنّي نبي فهلموا أعرضه عليكم ، فكانوا يدخلون البيت والصورة مطوية معه ، فيقول لهم : هل ترون في البيت مقيما أو ترون غيري وغيركم؟ فيقولون : لا وليس في البيت أحد ، فيقول : فاخرجوا ، فيخرجون من البيت ، فيصير هو وراء الستر ويسبل الستر بينه وبينهم ، ثم يقدم تلك الصورة ، ثم يرفع الستر بينهم وبينه ، فينظرون إلى صورة قائمة وشخص كأنّه شخص أبي الحسن لا ينكرون منه شيئا ، ويقف هو منه بالقرب فيريهم من طريق الشعبذة أنّه يكلّمه ويناجيه ويدنو منه كأنّه يساره ، ثم يغمزهم أن يتنحوا فيتنحون ، ويسبل الستر بينه وبينهم فلا يرون شيئا .
وكانت معه أشياء عجيبة من صنوف الشعبذة ما لم يروا مثلها ، فهلكوا بها ، فكانت هذه حالة مدّة حتّى رفع خبره إلى بعض الخلفاء أحسبه هارون أو غيره ممّن كان بعده من الخلفاء وأنّه زنديق ، فأخذه وأراد ضرب عنقه ، فقال له : يا أميرالمؤمنين استبقني فإنّى اتخذ لك أشياء يرغب الملوك فيها ، فأطلقه فكان أول ما اتخذ له الدوالي ، فإنّه عمد إلى الدوالي فسواها وعلقها وجعل الزئبق من تلك الألواح فيتسع الدوالي لذلك ، فكانت تعمل من غير مستعمل لها وتصب الماء في البستان ، فأعجبه ذلك مع أشياء عملها ، يضاهي اللّه بها في خلقه الجنة ، فقواه (فقرّبه) وجعل له مرتبة ، ثمّ إنّه يوما من الأيام انكسر بعض تلك الألواح فخرج منها
الزئبق فتعطلت ، فاستراب أمره وظهر عليه التعطيل والاباحات ، وقد كان أبو عبداللّه وأبوالحسن عليهماالسلاميدعوان اللّه عليه ويسألانه أن يذيقه حر الحديد ، فأذاقه اللّه حر الحديد بعد أن عذب بأنواع العذاب .
قال أبو عمرو : وحدث بهذه الحكاية محمّد بن عيسى العبيدي رواية له ، وبعضهم عن يونس بن عبدالرحمن ، وكان هاشم بن أبي هاشم قد تعلم منه بعض تلك المخاريق ، فصار داعية إليه من بعده .
سند الرواية صحيح إلى عثمان بن عيسى الكلابي الذي عملت الطائفة برواياته مع عدم وجود المخالف لها ، ولما لم نجد ما يخالف هذه الرواية فهي معتبرة ، وأشار الكشّي في آخر الرواية لطريق آخر عن يونس بن عبدالرحمن ، فالرواية صحيحة السند بهذا الطريق.
3. حدّثني محمّد بن قولوية ، قال : حدّثني سعد بن عبداللّه القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن عبداللّه المسمعي : قال حدّثني علي بن حديد المدائني ، قال : سمعت من سأل أبا الحسن الأول عليه السلام ، فقال : إنّي سمعت محمّد بن بشير يقول : إنّك لست موسى بن جعفر الذي هو إمامنا وحجتنا فيما بيننا وبين اللّه ؟
فقال عليه السلام : لعنه اللّه ثلاثا أذاقه اللّه حر الحديد ، قتله اللّه أخبث ما يكون من قتلة .
فقلت له : ـ جعلت فداك ! ـ إذا أنا سمعت ذلك منه أو ليس حلال لي دمه مباح ، كما اُبيح دم الساب لرسول اللّه وللإمام عليه السلام ؟
فقال : نعم، حل واللّه دمه، وأباحه لك ولمن سمع ذلك منه.
قلت : أو ليس هذا بساب لك؟
قال : هذا ساب للّه ، وساب لرسول اللّه وساب لآبائي وسابي ، وأي سب ليس يقصر عن هذا ولا يفوقه هذا القول .
فقلت : أرايت إذا أتاني لم أخف أن أغمز بذلك بريئا ثم لم أفعل ولم أقتله وما
علي من الوزر ، فقال : يكون عليك وزره أضعافا مضاعفة من غير أن ينتقص من وزره شيء أما علمت أنّ أفضل الشهداء درجه يوم القيامة من نصر اللّه ورسوله بظهر الغيب ورد عن اللّه ورسوله .
الرواية ضعيفة بعلي بن حديد المدائني .
4. وبهذا الإسناد عن سعد بن عبداللّه ، قال : حدّثني محمّد بن خالد الطيالسي ، قال حدّثني علي بن أبي حمزة البطائني ، قال : سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول : لعن اللّه محمّد بن بشير وأذاقه اللّه حر الحديد ، أنّه يكذب علي برئ اللّه منه ، وبرئت إلى اللّه منه ، اللّهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا يدعيه في ابن بشير ، اللّهمَّ ارحني منه ، ثم قال : يا علي ، ما أحد اجترأ أن يتعمد علينا الكذب إلاّ أذاقه اللّه حر الحديد ، وأن بنانا كذب على علي بن الحسين عليه السلام فأذاقه اللّه حر الحديد ، وأنّ المغيرة بن سعيد كذب على أبي جعفر عليه السلام فأذاقه اللّه حر الحديد ، وأن أبا الخطّاب كذب على أبي فأذاقه اللّه حر الحديد ، وأنّ محمّد بن بشير لعنه اللّه يكذب علي برئت إلى اللّه منه ، اللّهمَّ إنّي أبرأ إليك ممّا يدعيه في ابن بشير ، اللّهمَّ ارحني منه ، اللّهمَّ إنّي أسألك أن تخلصني من هذا الرجس النجس محمّد بن بشير فقد شارك الشيطان أباه في رحم أُمه .
قال علي بن أبي حمزة : فما رأيت أحدا قتل بأسوأ قتلة من محمّد بن بشير لعنه اللّه . ۳
الرواية ضعيفة بعلي بن أبي حمزة البطائني .
وفي ترجمة محمّد بن أبي زينب ، عن سعد ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي يحيى سهل بن زياد الواسطي ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر ، وابن يحيى ، قال : قال أبوالحسن الرضا عليه السلام : وكان محمّد بن بشير يكذب على أبي الحسن موسى فأذاقه اللّه حر الحديد . ۴
الرواية صحيحة السند .
وقال الطوسي في رجاله : محمّد بن بشير غالٍ ملعون . ۵
واعتمادا على ما جاء في رجال الكشّي ، ورجال الطوسي وذكره العلاّمة الحلّي في القسم الثاني من الخلاصة المختص بالضعفاء ، ۶ وابن داوود الحلّي في الجزء الثاني من رجاله المختص بالمجروحين ، ۷ والجزائري في القسم الرابع من رجاله المختص برواة الضعاف ، ۸ ومحمّد طه نجف في القسم الثالث من رجاله المختص بالضعفاء . ۹

1.الشورى : ۵۰ .

2.المائدة : ۱۸ .

3.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۷۷۴ ـ ۷۷۹ ، الأرقام ۹۰۶ ـ ۹۰۹ .

4.المصدر نفسه : ج ۲ ص ۵۹۱ ، الرقم ۵۴۴ .

5.رجال الطوسي : ص ۳۴۴ ، الرقم ۵۱۳۷ .

6.خلاصة الأقوال : ص ۳۹۳ ، الرقم ۱۵۸۵ .

7.رجال ابن داوود : ص ۲۷۰ ، الرقم ۴۳۳ .

8.حاوي الأقوال : ج ۴ ص ۲۳۲ .

9.إتقان المقال : ص ۳۴۰ .


الضّعفاء من رجال الحديث ج3
138

خلاصة القول فيه :

يظهر ممّا تقدّم أنّ محمّد بن بحر الرهني من الغلاة بشهادة الكشّي المعاصر له ، ويؤيده ما ذكره ابن الغضائري : «في مذهبه ارتفاع» ، والطوسي في رجاله : «يرمى بالتفويض» وفي الفهرست : «متهم بالغلو» . ويظهر في رواياته الكذب والوضع ، والاختلاف والتخليط بالأسانيد والمتون .

[ 305]

محمّد بن بشير

اسمه ونسبه :

محمّد بن بشير ، هكذا ذكره الطوسي والكشّي ، فلم نعرف نسبه لكي ندرسه .

طبقته :

ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام . ۱

تمييز الاشتراك :

وقد يقع الاشتراك بينه وبين محمّد بن بشير الذي وثّقه النجاشي ، ويروي عنه أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، ۲ ومحمّد بن بشير الهمداني الذي عدّه الطوسي من أصحاب الصادق عليه السلام ، ۳ ومحمّد بن بشير الدهان الذي يروي عنه صفوان بن يحيى ، ۴
فالذي يروي عنه الصادق عليه السلام فهو الهمداني ، والذي يروي عنه صفوان ما في طبقته فهو الدهان ، والذي يروي عن الإمام موسى بن جعفر فهو محمّد بن بشر الكذّاب ، وحيث لا يمكن التميز فالتوقف ، وعلى ضوء هذا التميز نحتمل أنّ ما جاء في التهذيب والاستبصار التي أشار إليها الأردبيلي في جامع الرواة ۵ من رواياته .

1.رجال الطوسي : ص ۳۴۴ ، الرقم ۵۱۳۵ .

2.دانش حديث ، محمد باقر نجف زاده بارفروش ، ص۳۵۹ .

3.رجال النجاشي : ص ۳۴۴ ، الرقم ۹۲۷ .

4.رجال الطوسي : ص ۲۷۸ ، الرقم ۴۰۲۱ .

5.گفتنى است الوجيزة را شروح بسيارى است ، از جمله : الدرّة العزيزة في شرح الوجيزة ، ميرزا محمدعلى مرعشى شهرستانى (۱۲۸۰ ـ ۱۳۴۴ق) . الجوهرة العزيزة في شرح وسيط الوجيزة ، سيدعلى محمد بن دلدار على نقوى (م۱۳۱۳ق) . شرح الوجيزة ، شيخ عبدالنبى بحرانى شيرازى(م۱۱۸۷ق) . شرح الوجيزة ، ميرزا محمد سليمان تنكابنى(م۱۳۰۲ق) . صنائع الأثر في شرح الوجيزة ، سيد امجد حسين اللّه آبادى . نهاية الدراية في شرح الوجيزة ، ميرزا محمد كشميرى . (ر .ك : الذريعة ، ج۱۴ ، ص۱۶۸ ـ ۱۶۹) .

6.الرعاية في علم الدراية ، ص۴۵ .

7.الخصال : ص ۶۴۸ .

8.جامع الرواة : ج ۲ ص ۸۰ .

9.نهاية الدراية ، ص ۷۹ .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    الأسدي، عادل حسن
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 141820
صفحه از 640
پرینت  ارسال به