329
الضّعفاء من رجال الحديث ج3

الضّعفاء من رجال الحديث ج3
328

أقوال العلماء فيه :

جاء في مدحه وذمّه عدّة أخبار نذكرها مع دراستها سندا ودلالة .
الروايات المادحة :
1. في رجال الكشّي : عن محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني عبداللّه بن محمّد
خلف ، قال : حدّثنا علي بن حسّان الواسطي ، قال : حدّثني موسى بن بكر ، قال : سمعت أبا الحسن يقول لما أتاه موت المفضّل بن عمر ، قال : رحمه اللّه ، كان الوالد بعد الوالد أما أنّه قد استراح . ۱
الرواية صحيحة السند ، وفيها أنّ الإمام أبي الحسن ترحّم عليه ووصفه بأنّه قد استراح ، والترحّم أعم من المدح قد يكون للمؤمن وغيره ، أما أنّه قد استراح يقال لما كان يجهد نفسه في الدنيا سوء في عمل الخير أو غيره ، وقد يستفاد من قول الإمام عليه السلام فيه المدح .
2. محمّد بن مسعود ، عن إسحاق بن محمّد البصري ، قال : أخبرنا محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن بشير الدهان ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام لمحمّد بن كثير الثقفي : ما تقول في المفضّل بن عمر؟ قال : ما عسيت أن أقول فيه ، لو رأيت فيه عنقه صليبا ، وفي وسطه (كستيجا) لعلمت أنّه على الحق ، بعد ما سمعتك تقول فيه ما تقول . قال رحمه الله ، لكن حجر بن زائدة ، وعامر بن جذاعة أتياني فشتماه عندي ، فقلت لهما : لا تفعلا فإنّي أهواه فلم يقبلا فسألتهما وأخبرتهما أنّ الكف عنه حاجتي فلم يفعلا ، غفر اللّه لهما ، أما أنّي لو كرمت عليهما لكرم عليهما من يكرم عليَ ، ولقد كان كثير عزة في مودته لها أصدق منهما في مودتهما لي ، حيث يقول :
لقد علمت بالغيب أنّي أخونها عغعغ إذا هو لم يكرم عليَ كريمها۲
الرواية ضعيفة السند بإسحاق بن محمّد البصري ، ومحمّد بن سنان ، وبشير الدهان ، فلا يثبت بها مدح للمفضّل بن عمر ، والرواية من وضع الغلاة دفاعا عن المفضّل بن عمر ذما لحجر بن زائدة الثقة، وعامر بن جذاعة؛ لأنّهماكانايعترضان عليه .
3. حدّثني أبو القاسم نصر بن الصباح ـ وكان غاليا ـ ، حدّثني أبويعقوب إسحاق بن محمّد البصري ـ وهو غالٍ وكان من أركانهم أيضا ـ ، قال : حدّثني
محمّد بن الحسن بن شمون ـ وهو أيضا منهم ، قال : حدّثني محمّد بن سنان ـ وهو كذلك ـ ، عن بشير النبال أنّه قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام لمحمّد بن كثير الثقفي ـ وهو من أصحاب المفضّل بن عمر أيضا ـ : ما تقول في المفضّل بن عمر؟ وذكر مثل حديث إسحاق بن محمّد البصري سواء .
رواة الخبر كلّهم غلاة فلا يثبت بها مدحا للمفضّل . ۳
4. حدّثني إبراهيم بن محمّد ، قال : حدّثني سعد بن عبداللّه قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسين بن أحمد عن أسد بن أبي العلاء ، عن هشام بن أحمد قال : دخلت على أبي عبداللّه عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن المفضّل بن عمر ، وهو في ضيعة له في يوم شديد الحر ، والعرق يسيل على صدره ، فابتدأني ، فقال : نعم ، واللّه الذي لا إله إلاّ هو ، المفضّل بن عمر الجعفي ، حتّى أحصيت نيفا وثلاثين مرّة يقولها ويكررها ، قال : إنّما هو والد بعد الوالد .
قال الكشّي : أسد بن أبي العلاء يروى المناكير ، لعلّ هذا الخبر : إنّما رويفي حال استقامة المفضّل قبل أن يصير خطّابيا ، ۴ وقريب منه في كتاب الغيبة يرويها أسد بن أبي العلاء ، عن هشام بن أحمر ، وفي رجال الكشّي أحمد بدل أحمر ، والصحيح ما في كتاب الغيبة هشام بن أحمر؛ لأنّه موافق ما جاء في الكافي .
5 . وحكى نصر بن الصباح. عن ابن أبي عمر بإسناده أنّ الشيعة حين أحدث أبو الخطّاب ما أحدث خرجوا إلى أبي عبداللّه عليه السلام ، فقالوا : أقم لنا رجلاً نفزع إليه في أمر ديننا وما نحتاج إليه من الأحكام. قال : لا تحتاجون إلى ذلك ، متى ما احتاج أحدكم عرج إليَ وسمع منّي وينصرف ، فقالوا : لابدَّ ، فقال : قد أقمت عليكم المفضّل اسمعوا منه واقبلوا عنه؛ فإنّه لا يقول على اللّه وعليَ إلاّ الحق ، فلم يأت عليه كثير شيء حتّى شنعوا عليه وعلى أصحابه ، وقالوا أصحابه لا يصلون ، ويشربون النبيذ ، وهم
أصحاب الحمام ، ويقطعون الطرق ، والمفضّل يقربهم ويدنيهم .
الرواية ضعيفة السند بنصر بن الصباح والإرسال . وقد يستفاد منها الذم؛ لأنّ الشيعة شنعوا عليه.
6 . حدّثني حمدوية بن نصير ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عمر بن سعيد الزيات ، عن محمّد بن حريز ، قال : حدّثني بعض أصحابنا من كان عند أبي الحسن الثاني عليه السلام جالس ، فلما نهضوا ، قال لهم : القوا أبا جعفر عليه السلام فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا ، فلما نهض القوم التفت إليَ ، وقال : يرحم اللّه المفضّل إنّه كان ليكتفي بدون هذا .
الرواية ضعيفة السند بمحمّد بن حريز الذي ليس له ذكر في كتب الرجال فلا يثبت بها مدحٌ للمفضّل . ۵
ومثلها رواها محمّد بن يعقوب الكليني في الكافي ، عن علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن حبيب الزيات ، قال : أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا عليه السلام ... . ۶
والرواية ضعيفة السند بسهل بن زياد ، ويحيى بن حبيب الزيات المجهول والإرسال .
7. وحدّثني محمّد بن قولويه ، قال : حدّثني سعد بن عبداللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن خالد بن نجيح الجوان ، قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : ما يقولون في المفضّل بن عمر؟ فقلت : يقولون فيه هبه يهوديا أو نصرانيا وهو يقوم بأمر صاحبكم ، قال : ويلهم منا أخبث ما أنزلوه ما عندي كذلك ، ومالي فيهم مثله . ۷
الرواية ضعيفة السند بخالد بن نجيح الجوان من أهل الارتفاع ، وعثمان بن عيسى من الواقفية
8 . علي بن محمّد ، قال : حدثني سلمة بن الخطّاب ، عن علي بن حسان ، عن موسى بن بكير ، قال : كنت في خدمة أبي الحسن عليه السلام ولم أكن أرى شيئا يصل إليَ إلاّ من ناحية المفضّل بن عمر ، ولربما رأيت الرجل يجيء بالشيء فلا يقبله منه ، ويقول أوصله إلى المفضّل.
الرواية ضعيفة السند بسلمة بن الخطّاب . ۸
ومثلها في كتاب الغيبة للطوسي ، عن موسى بن بكير . ۹
9. علي بن محمّد قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن كليب ، عن محمّد بن الحسن ، عن صفوان ، قال : بلغ من شفقة المفضّل أنّه كان يشتري لأبي الحسن عليه السلام الحيتان ، فيأخذ رؤوسها ويبيعها ويشتري بها حيتانا شفقة عليه .
الرواية ضعيفة السند بأحمد بن كليب ، ليس له ذكر في كتب الرجال .
10. حدّثني نصر بن الصباح ، قال : حدّثني إسحاق بن محمّد البصري ، قال : حدّثني الحسن بن علي بن يقطين ، عن عيسى بن سليمان ، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : قلت : ـ جعلني اللّه فداك ! ـ خلفت مولاك المفضّل عليلاً فلو دعوت اللّه له. قال : رحم اللّه المفضّل قد استراح. قال : فخرجت إلى أصحابنا ، فقلت لهم : قد واللّه مات المفضّل. قال : ثم دخلت الكوفة وإذا هو قد مات قبل ذلك بثلاثة أيام .
الرواية ضعيفة السند بنصر بن الصباح ، وإسحاق بن محمّد البصري ، والحسن بن علي بن يقطين من الغلاة ، وعيسى بن سليمان مجهول . فلا يثبت صدور الخبر عن
الإمام ولعلّه من وضع الغلاة .
11. علي بن محمّد قال : حدّثني أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن يونس بن ظبيان ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ـ جعلت فداك ! ـ لو كتبت إلى هذين الرجلين بالكف عن هذا الرجل؛ فإنهما له مؤذيان . فقال : إذا اغريهما به ، كان كثير عزة في مودتها ، أصدق منهما في مودتي ، حيث يقول :
لقد علمت بالغيب أنّي أحبها عغعغ إذ هو لم يكرم علي كريمها
أما واللّه لو كرمت عليهم عغعغ لكرم من عليهم أقرب وأوقر۱۰
الرواية ضعيفة السند بيونس بن ظبيان .
والرواية في الكافي أتم ممّا تقدّم ، روى محمّد بن يعقوب علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ألا تنهى هذين الرجلين عن هذا الرجل؟ فقال : من هذا الرجل ومن هذين الرجلين ، قلت : ألا تنهى حجر بن زائدة ، وعامر بن جذاعة ، عن المفضّل بن عمر ، فقال : يا يونس ، قد سألتهما أن يكفا عنه فلم يفعلا فدعوتهما وسألتهما وكتب إليهما ، وجعلته حاجتي إليهما فلم يكفا عنه ، فلا غفر اللّه لهما... أما واللّه لو أحباني لأحبّا من أحبُّ . ۱۱
أقول : يظهر من الرواية المتقدّمة ومن روايات الكشّي ، أنّ المراد بالرجل في هذه الرواية هوالمفضّل بن عمر والمراد بالرجلين حجر بن زائدة ، وعامر بن جذاعة .
والرواية ضعيفة السند بالحسين بن أحمد المنقري ، ويونس بن ظبيان . والرواية قريبة من الرواية الثانية من روايات الكشّي . ومعارضة للرواية الثالثة في ذمّه كما سيأتي ، وفيها أنّ الإمام عليه السلام ذم المفضّل ولعلّ الغلاة أمثال يونس بن ظبيان أرادوا الدفاع عن المفضّل فغيروا محتوى الرواية .
12. حدّثني حمدويه ، قال حدّثني الحسن بن موسى ، قال : حدّثني محمّد بن سنان ، قال : دخلت على أبي الحسن عليه السلام قبل أن يحمل إلى العراق بسنة ، وعلي ابنه عليه السلام بين يديه ، فقال لي : يا محمّد ، فقلت : لبيك ، قال : إنّه سيكون في هذه السنة حركة (إلى أن قال) : يا محمّد ، إنّ المفضّل كان اُنسي و مستراحي . ۱۲
وجاءت نفس الرواية في الكافي والغيبة للطوسي ، والإرشاد ، ۱۳ لكنها خالية من فقرة (أنّ المفضّل كان اُنسي ومستراحي) والرواية ضعيفة السند بمحمّد بن سنان .
13. وجاء في الكافي عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن مفضّل ، قال أبو عبداللّه عليه السلام : إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي .
وفيه أيضا : عن ابن سنان ، عن أبي حنيفة سابق الحاج ، قال : مرّ بنا المفضّل وأنا وختني نتشاجر في ميراث ، فوقف علينا ساعة ، ثم قال لنا : تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمئة درهم فدفعها إلينا من عنده حتّى إذا استوثق كلّ واحد منّا من صاحبه ، قال : أما أنّها ليست من مالي ولكن أبو عبداللّه عليه السلام أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما وأفتديها من ماله ، فهذا من مال أبي عبد اللّه عليه السلام . ۱۴
الرواية ضعيفة السند بمحمّد بن سنان المغالي صاحب المفضّل ، والرواية عن المفضّل نفسه فلا يثبت بها له مدح .
14. وفي الكافي أيضا : عن محمّد بن يحيى ، عن علي بن الحكم ، عن يونس بن يعقوب ، قال : أمرني أبو عبداللّه عليه السلام أن آتي المفضّل واُعزّيه بإسماعيل ، وقال : اقرأ
المفضّل السلام ، وقل له : إنّا أصبنا بإسماعيل فصبرنا ، فاصبر كما صبرنا إنّا أردنا أمرا ، وأراد اللّه عز و جل أمرا ، فسلمنا لأمر اللّه عز و جل . ۱۵
الرواية صحيحة السند ، فيها رد على المفضّل الذي كان يقول بإمامة إسماعيل ، كما سيأتي في الرواية الثانية من الروايات في ذمه ، أنّ إسماعيل قد مات ويجب التسليم لأمر اللّه في إسماعيل ولا يستفاد منها المدح والعناية من الإمام الصادق عليه السلام للمفضّل .
15. وفيه أيضا : وروى عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي سعيد الخيبري ، عن المفضّل بن عمر ، قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : اكتب وبث علمك في إخوانك ، فإن مت فأورث كتبك بنيك؛ فإنّه يأتي الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلاّ بكتبهم . ۱۶
الرواية ضعيفة السند بأبي سعيد الخيبري المجهول وإرسال البرقي ، والرواية عن المفضّل بن عمر نفسه فلا يثبت بها مدح .
16 . وفي الاختصاص : روى الشيخ المفيد ، عن محمّد بن علي ، قال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي أحمد الأزدي ، عن عبداللّه بن الفضل الهاشمي ، قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام إذ دخل المفضّل بن عمر ، فلمّا بصر به ضحك إليه ، ثم قال : إليَّ يا مفضّل ، فوربّي ، إنّي لأُحبّك وأُحبّ من يحبك ، يا مفضّل ، لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان ، فقال له المفضّل : يا بن رسول اللّه ، لقد حسبت أن أكون قد أنزلت فوق منزلتي ، فقال عليه السلام : بل ، أنزلت المنزلة التي أنزلك اللّه بها ، فقال : يا بن رسول اللّه ، فما منزلة جابر بن يزيد منكم؟ قال : منزلة سلمان من
رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : فما منزلة داوود بن كثير الرقي منكم؟ قال : منزلة المقداد من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : ثم أقبل عليَ ، فقال : يا عبداللّه بن الفضل ، إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ خلقنا من نور عظمته وصنعنا برحمته و خلق أرواحكم منّا ، فنحن نحن إليكم وأنتم تحنون إلينا ، واللّه لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلاً أو ينقصوا منهم رجلاً ما قدروا على ذلك ، وأنّهم لمكتوبون عندنا بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم وأنسابهم ، يا عبداللّه بن الفضل ، ولو شئت لأريتك اسمك في صحيفتنا ، قال : ثم دعا بصحيفة فنشرها فوجدتها بيضاء ليس فيها أثر الكتابة ، فقلت : يا بن رسول اللّه ، ما أرى فيها أثر الكتابة ، قال : فمسح يده عليها فوجدتها مكتوبة ووجدت في أسفلها اسمي فسجدت للّه شكرا . ۱۷
الرواية صحيحة السند إلاّ عن عبداللّه بن الفضل الهاشمي الذي يمدح فيها نفسه كثيرا ومضمون الرواية قريب إلى أفكار الغلاة .
17 . وفي رجال الكشّي بترجمة زرارة بن أعين : عن محمّد بن قولويه ، قال حدّثني سعد بن عبداللّه ، قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يوما ودخل عليه الفيض بن المختار ، فذكر له آية من كتاب اللّه عز و جل تأوّلها أبو عبداللّه عليه السلام ، فقال له الفيض : ـ جعلني اللّه فداك! ـ ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟ قال : وأي الاختلاف يا فيض؟ فقال له الفيض : إنّي لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم ، حتّى أرجع إلى المفضّل بن عمر ، فيوقفني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي ، ويطمئن إليه قلبي .
فقال أبو عبداللّه عليه السلام : أجل هو كما ذكرت يا فيض ، إنّ الناس أولعوا بالكذب علينا أنّ اللّه افترض عليهم لا يريد منهم غيره وأنّي أُحدّث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتّى يتأوّله على غير تأويله ، وذلك أنّهم لا يطلبون بحديثنا و بحبّنا ما عند اللّه وإنّما يطلبون به الدنيا ، وكلّ يحب أن يدعي رأسا ، أنّه ليس من عبد يرفع نفسه إلاّ وضعه اللّه ، وما من عبد وضع نفسه إلاّ رفعه اللّه وشرفه . ۱۸
الرواية ضعيفة السند بمحمّد بن سنان ، والرواية عن المفضّل نفسه .
18 . وفي ترجمة أبي يعفور : عن حمدويه ، عن الحسن بن موسى ، عن علي بن حسان الواسطي الخزاز ، قال : حدّثنا علي بن الحسين العبيدي ، قال : كتب أبو عبداللّه عليه السلام إلى المفضّل بن عمر الجعفي حين مضى عبداللّه بن أبي يعفور : يا مفضّل ، عهدت إليك عهدي كان إلى عبداللّه بن أبي يعفور ، فمضى ـ صلوات اللّه عليه ـ موفيا للّه عز و جل ولرسوله ولإمامه بالعهد المعهود للّه ... . ۱۹
الرواية ضعيفة السند ؛ لجهالة علي بن الحسن العبيدي .
وعدّه الشيخ المفيد من خاصة أبي عبداللّه عليه السلام وبطانته وثقاته من الفقهاء الصالحين ، من روى النص بالإمامة عن أبي عبداللّه عليه السلام على ابنه أبي الحسن موسى عليه السلام . ۲۰
وذكره ابن شهر آشوب من خواص أصحاب الصادق عليه السلام . ۲۱
وقال الخشاب البغدادي، وابن شهر آشوب : إنّ المفضّل بن عمر باب موسى بن جعفر. ۲۲
والتوثيق العام الذي ذكره المفيد في الإرشاد ، وابن شهر آشوب في المناقب معارض بالتضعيف الصريح والأخبار الصحيحة السند .
أمّا القول بأنّه باب الإمام موسى بن جعفر فقد تقدّم غير مرّة أنّ عقيدة الأبواب من أفكار الغلاة ، والفرقة النصيرية .
أمّا الروايات الذامة في رجال الكشّي ، فهي كما يلي :
1 . جبرئيل بن أحمد ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن حماد بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول للمفضّل بن عمر الجعفي : يا كافر يا مشرك مالك ولابني ، يعني إسماعيل بن جعفر ، وكان منقطعا إليه ، يقول فيه مع الخطابية ، ثم رجع بعده .
الرواية في سندهاجبرئيل بن أحمد لم يوثّق .
2 . حدّثني حمدويه بن نصير ، قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، وحماد بن عثمان ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : قال أبوعبداللّه : إيت المفضّل ، وقل له : يا كافر يا مشرك ما تريد إلى ابني ، تريد أن تقتله؟ ۲۳
الرواية صحيحة السند وصريحة في ذم المفضّل ووصفه بالكفر والشرك ، وأنّه من مؤسسي الفرقة الإسماعيلية ، وله الآن عندهم منزلة خاصة .
3 . حدّثني الحسين بن علي بندار القمّي ، قال : حدّثني سعد بن عبداللّه بن أبي خلف القمّي ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، والحسن بن موسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبداللّه بن مسكان ، قال : دخل حجر بن زائدة ، وعامر بن جذاعة الأزدي على أبي عبداللّه عليه السلام ، فقالا : ـ جعلنا فداك! ـ إنّ المفضّل بن عمر ، يقول : إنّكم تقدرون أرزاق العباد. فقال : واللّه ما يقدر أرزاقنا إلاّ اللّه ، ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صدري ، وأبلغت إلى الفكرة في ذلك حتّى أحرزت قوتهم ، فعندها طابت نفسي لعنه اللّه وبريء منه . قالا : افتلعنه وتتبرأ منه؟ قال : نعم ، فألعناه و ابرآ منه ، وبريء اللّه و رسوله منه .
الرواية صحيح السند وصريحة في أنّه من الغلاة الذين تبرأ منه ولعنه الإمام
أبي عبداللّه عليه السلام .
والرواية تعارض الرواية الحادية عشر في مضمونها إلاّ أنّ الرواية المادحة من روايات الغلاة في الدفاع عن المفضّل وتحريف لهذه الرواية .
4 . حدّثني حمدويه ، وإبراهيم ، ابنا نصير ، قالا : حدّثنا محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن المفضّل بن عمر ، أنّه كان يشير أنّكما لمن المرسلين .
الرواية صحيحة السند إلى المفضّل بن عمر وفيها عقيدة الغلوّ ظاهرة .
5 . قال الكشّي : وذكرت الطيارة الغالية في بعض كتبها ، عن المفضّل أنّه قال : لقد قتل مع أبي إسماعيل ـ يعني أبا الخطّاب ـ سبعون نبيّا كلّهم رأى وهلك نبيّنا فيه ، وأنّ المفضّل ، قال : دخلنا على أبي عبداللّه عليه السلام ونحن اثنا عشر رجلاً ، قال : فجعل أبوعبداللّه يسلم على رجل رجل منّا ، ويسمي كلّ رجل منّا باسم نبي ، وقال لبعضنا : السلام عليك يا نوح ، وقال لبعضنا : السلام عليك يا إبراهيم ، وكان آخر من يسلم عليه ، وقال : السلام عليك يا يونس ، ثم قال : لا تخاير بين الأنبياء .
6 . قال أبو عمرو الكشّي : قال يحيى بن عبدالحميد الحماني ، في كتابه ـ المؤلف في إثبات إمامة أميرالمؤمنين عليه السلام ـ ، قلت لشريك : إنّ أقواما يزعمون أنّ جعفر بن محمّد ، ضعيف في الحديث . فقال : أخبرك القصة ، كان جعفر بن محمّد رجلاً صالحا مسلما ورعا ، فاكتنفه قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده و يقولون حدّثنا جعفر بن محمّد ، ويحدثون بأحاديث كلّها منكرات كذب موضوعة على جعفر ، يستأكلون الناس بذلك ويأخذون منهم الدراهم فكانوا يأتون من ذلك بكلّ منكر ، فسمعت العوام بذلك منهم ، فمنهم من هلك ، ومنهم من أنكر ، وهؤلاء مثل المفضّل بن عمر ، وبنان ، عمرو النبطي ، وغيرهم ، ذكروا أنّ جعفرا حدّثهم أنّ معرفة الإمام تكفي من الصوم والصلاة ، وحدّثهم عن أبيه عن جدّه ، وأنّه حدّثهم قبل يوم القيامة ، وأنّ عليا عليه السلام في السحاب يطير مع الريح ، وأنّه كان يتكلم بعد الموت ، وأنّه كان يتحرك على المغتسل ، وأنّ إله السماء والأرض الإمام ، فجعلوا للّه
شريكا جهّال ضلال ، واللّه ، ما قال جعفر شيئا من هذا قط ، كان جعفر أتقى للّه ، وأورع من ذلك، فسمع الناس ذلك،فضعفوه، ولو رأيت جعفرا لعلمت أنّه واحد الناس .
7 . وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد الفاريابي في كتابه : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب ، وإسحاق بن عمّار ، قائلاً : خرجنا نريد زيارة الحسين عليه السلام ، فقلنا لو مررنا بأبي عبداللّه المفضّل بن عمر ، فعساه يجيء معنا ، فأتينا الباب فاستفتحناه ، فخرج إلينا فأخبرناه ، فقال : استخرج الحمار فأخرج إلينا وركب وركبنا ، وطلع لنا الفجر على أربعة فراسخ من الكوفة ، فنزلنا ، والمفضّل واقف لم ينزل يصلّي ، فقلنا : يا أبا عبداللّه ألا تصلّي؟ فقال : صلّيت قبل أن أخرج من منزلي .
الرواية فيها جبرئيل بن أحمد الفاريابي لم يوثّق ، وبقية السند كلّهم ثقات ، والرواية صريحة في أنّ المفضّل بن عمر من الغلاة المعطلة .
8 . حدّثني حمدويه ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن إسماعيل بن عامر ، قال : دخلت على أبي عبداللّه عليه السلام ، فوصفت إليه الأئمة حتّى انتهيت إليه ، فقلت : إسماعيل من بعدك ، فقال : أما ذا فلا ، فقال حماد : فقلت لإسماعيل وما دعاك إلى أن تقول وإسماعيل من بعدك؟ قال : أمرني المفضّل بن عمر .
الرواية في سندها إسماعيل بن عامر مجهول .
9 . قال : نصر بن الصباح رفعه عن محمّد بن سنان ، عن عدّة من أهل الكوفة كتبوا إلى الصادق عليه السلام ، فقالوا : إنّ المفضّل يجالس الشطار ، وأصحاب الحمام ، وقوما يشربون الشراب ، ينبغي أن تكتب إليه وتأمره ألاّ يجالسهم ، فكتب إلى المفضّل كتابا وختمه ودفعه إليهم ، ففكه ، وأمرهم أن يدفعوا الكتاب من أيديهم إلى يد المفضّل ، فجاؤوا بالكتاب إلى المفضّل ، منهم زرارة ، وعبداللّه بن بكير ، ومحمّد بن مسلم ، وأبو بصير ، وحجر بن زائدة ، ودفعوا الكتاب إلى المفضّل ، ففكّه وقرأه . فإذا : (بسم اللّه الرحمن الرحيم اشتر كذا وكذا واشتر كذا) ولم يذكر فيه قليلاً ولا كثيرا ممّا قالوا فيه ، فلما قرأ الكتاب دفعه إلى زرارة ، ودفعه زرارة إلى محمّد بن مسلم ، حتّى دار الكتاب إلى الكلّ ، فقال المفضّل : ماذا تقولون؟ قالوا : هذا مال عظيم ، حتّى ننظر ونجمع ونحمل إليك ، ثم لو ندرك الانزال بعد نظر في ذلك .
وأرادوا الانصراف ، فقال المفضّل : تغدوا عندي ، فأجلسهم لغداته ووجه المفضّل إلى أصحابه الذين سعوا بهم ، فجاؤوا وقرأ عليه كتاب أبي عبداللّه عليه السلام ، فرجعوا من عنده وجلس هؤلاء ليتغدوا ، فرجع الفتيان وحمل كلّ واحد منهم على قدر قوته ألفا وألفين ، وأقل وأكثر ، فحضروا أو احضروا ألفي دينار ، وعشرة آلاف درهم قبل أن يفرغ من هؤلاء من الغداء .
فقال لهم المفضّل : تأمرونني أن أطرد هؤلاء من عندي ، تظنّون أنّ اللّه تعالى محتاج إلى صلاتكم وصومكم .
الرواية ضعيفة السند بنصر بن الصباح ، ومحمّد بن سنان وهي مرفوعة . فلا يثبت بها مدح ولا ذمّ للمفضّل ، وأظنّها من موضوعات الغلاة في الدفاع عنه .
10 . حدّثني محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني إسحاق بن محمّد البصري ، قال : حدّثني عبداللّه بن القاسم ، عن خالد بن الجوان ، قال : كنت أنا ، والمفضّل بن عمر ، وناس من أصحابنا بالمدينة ، وقد تكلمنا في الربوبية ، قال فقلنا مروا إلى باب أبي عبداللّه عليه السلام حتّى نسأله ، فقمنا بالباب ، قال : فخرج إلينا ، وهو يقول : بل ، عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون .
قال الكشّي : إسحاق ، وعبداللّه وخالد ، من أهل الارتفاع . ۲۴
وقال النجاشي : مفضّل بن عمر أبو عبداللّه ، وقيل أبو محمّد الجعفي : كوفي فاسد المذهب ، مضطرب الرواية لا يعبأ به ، وقيل : إنّه كان خطّابيا ، وقد ذكرت له مصنّفات لا يعول عليها ، وإنّما ذكرنا للشرط الذي قدمناه . ۲۵
وقال ابن الغضائري : المفضّل بن عمر الجعفي أبو عبداللّه ، ضعيف ، متهافت ، مرتفع القول ، خطابي ، وقد زيد عليه شيء كثير ، وحمل الغلاة في حديث حملاً عظيما ، ولا يجوز أن يكتب حديثه ، وروى عن أبي عبداللّه ، وأبي الحسن عليهماالسلام . ۲۶
ويظهر التعارض بين الروايات الذامة والروايات المادحة ، حيث إنّ من الروايات المادحة بعضها صحيحة السند كالرواية الأُولى والرابعة عشر والخامسة عشر إلاّ أنّها غير تامّة الدلالة ويمكن توجيهها ، والروايات الذامة منها صحيحة السند كالرواية الثانية والثالثة والرابعة ومنها قريب إلى الصحّة؛ لأنّ مضمونها ينسجم مع الروايات الصحيحة كالرواية الأُولى والسابعة ويعضد الروايات الذامة الصحيحة السند قول النجاشي ، وابن الغضائري في وصفه بالضعف والاضطراب وفساد العقيدة كما تقدّم .
إذا الراجح تضعيفه لذا ذكره العلاّمة الحلّي في القسم الثاني من الخلاصة ، ۲۷ وابن داوود الحلّي في الجزء الثاني من رجاله المختص بالضعفاء والمجروحين ، ۲۸ والجزائري في القسم الرابع من رجاله المختص برواة الضعاف ، ۲۹ ومحمّد طه نجف في القسم الثالث المختص بالضعفاء . ۳۰
ودرسه المحقّق البهبودي في الضعفاء ، ۳۱ وأسقط رواياته عند تحقيقه للكافي ، ولم يثبتها في كتابه الصحيح من الكافي .

1.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۱۲ ، الرقم ۵۸۲ .

2.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۱۲ و ۶۱۳ ، الرقم ۵۸۳ .

3.المصدر نفسه : ج ۲ ص ۶۱۳ ، الرقم ۵۸۴ .

4.المصدر نفسه : ج ۲ ص ۶۱۴ ، الرقم ۵۸۵ .

5.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۲۰ ، الرقم ۵۹۲ .

6.الكافي : ج ۱ ص ۳۲۰ .

7.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۲۰ ، الرقم ۵۹۴ .

8.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۲۰ ـ ۶۲۱ ، الرقم ۵۹۴ و۵۹۵ .

9.الغيبة للطوسي : ص ۳۴۷ .

10.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۲۱ ، الرقم ۵۹۸ .

11.الكافي : ج ۸ ص ۳۷۳ .

12.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۷۹۶ ، الرقم ۹۸۲ ، في ترجمة محمّد بن سنان .

13.الكافي : ج ۱ ص ۳۱۹ ، الغيبة للطوسي : ص ۳۳ ، الإرشاد : ج ۲ ص ۲۵۲ .

14.الكافي : ج ۲ ص ۲۰۹ .

15.المصدر نفسه : ج ۲ ص ۹۲ .

16.المصدر نفسه : ج ۱ ص ۵۲ .

17.الاختصاص : ص ۲۱۶ ـ ۲۱۷ .

18.رجال الكشّي : ج ۱ ص ۳۴۷ .

19.المصدر نفسه : ج ۲ ص ۵۱۸ ، الرقم ۴۶۱ .

20.الإرشاد : ج ۲ ص ۲۱۶ .

21.المناقب : ج ۴ ص ۳۰۳ .

22.تاريخ الأئمة : ص ۳۳ ، المناقب : ج ۴ ص ۳۵۰ .

23.لم نقف على هذه الرواية في اختيار معرفة الرجال طبعة آل البيت عليهم السلام ، والموجود في اختيار معرفة الرجال طبعة جامعة مشهد : ص ۳۲۳ ، الرقم ۵۸۶ .

24.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۱۲ ـ ۶۲۱ ، الأرقام ص ۵۸۱ ـ ۵۹۸ .

25.رجال النجاشي : ص ۴۱۶ ، الرقم ۱۱۱۲ .

26.رجال ابن الغضائري : ص ۸۷ ، الرقم ۱۱۷ .

27.خلاصة الأقوال : ص ۴۰۷ ، الرقم ۱۶۴۷ .

28.رجال ابن داوود : ص ۲۸۰ ، الرقم ۵۱۲ .

29.حاوي الأقوال : ج ۴ ص ۳۰۷ .

30.إتقان المقال : ص ۳۶۷ .

31.معرفة الحديث : ص ۲۳۱ .

  • نام منبع :
    الضّعفاء من رجال الحديث ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    الأسدي، عادل حسن
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 141859
صفحه از 640
پرینت  ارسال به