191
اسباب اختلاف الحديث

ولا يكون المتكلّم بصدد بيان الجهة المذكورة من الإطلاق أو التقييد ، واُخرى لايهمل في البيان ، بل يريد إمّا الإطلاق وإمّا التقييد لكنّ مراده يختفى على السامع لضياع القرائن أو خفائها ، فيعرض صفة الإجمال ، وسيأتي توضيحه .
ج ـ الإجمال : هو كون الكلام مبهما محتملاً لمعنيين أو أكثر، مع عدم رجحان شيء منها على غيره ، كي يكون ظاهرا فيه .
وقد يتوسّع في نطاق الإجمال فيطلق على ما كان له ظهور في معنى ، ودلّت القرائن المنفصلة على عدم إرادة هذا المعنى ، مع خفاء القرائن الدالّة على المعنى المُراد ، فيعرض الإجمال على الكلام بعد ظهوره في أحد المعنيين أو المعاني المحتملة ، ويُسمّى المجملَ بالعرض، ۱ كما يسمّى القسم الأوّل المجمل بالذات .
والمجمل ۲ بحدّه يعمّ :
أ ـ ما كان لفظه مطلقا مع عدم توفّر مقدّمات الحكمة، أو عدم إحرازها .
ب ـ ما كان الإجمال ناشئا من اشتراك اللفظ ـ المفرد أو المركّب ، كالاشتراك اللفظي أو المعنوي، أو الحقيقة والمجاز .
ج ـ ما كان لفظه ـ المفرد أو المركّب ـ مبهما؛ كأن يكون من الشواذّ أو الغرائب وغيرها .
د ـ وما كان ظاهرا في وجه ، مع عروض الإجمال عليه بدليل منفصل .
غير أنّ الإجمال قاصر عن شمول ما يتراءى ظهوره في معنى ثمّ ينكشف إهماله بدليل مفصّل ويظهر معناه الّذي أراده المتكلّم .
فظهر أنّ النسبة بين الإهمال والإجمال هي العموم من وجه . وسيأتي ـ في ختام هذا المبحث ـ تحقيق أنّ الإجمال لا يوجب الاختلاف ، إن شاء اللّه . وإليك أمثلة الإهمال :

1.راجع المحاضرات في اُصول الفقه : ج ۵ ص۳۸۶ ـ ۳۸۷ .

2.الإجمال بالذات إمّا بإرادة المتكلّم إلغاء كلامه كذلك ، أو بعدم كونه بصدد البيان وعدم مساس الحاجة إلى تبيين الوجه الّذي صار الكلام من أجله مجملاً ، كما أنّ الإجمال بالعرض قد يكون بضياع القرائن الّتي تضفي الظهور للكلام ، أو بالقرائن الّتي بضياعها يصير الكلام ظاهرا فيما لا يمكن الأخذ به ، أو بحصول النقل اللغوي في بعض موادّ الكلام ، أو بسوق الكلام ظاهرا فيما لا يمكن الأخذ به من بدء الأمر .


اسباب اختلاف الحديث
190

وأمّا الإجمال في البيان فلا نعدّه من أسباب اختلاف الأحاديث ، كما سنبيِّنه .
ثمّ الإهمال تارة يكون ذاتيّا، واُخرى بالعرض، وسيوافيك بيانه في نهاية هذا المبحث .
وتوضيح ذلك ، نقول :
أ ـ الإطلاق: كما تقدّم هو «كون اللفظ بما له من المعنى تمامَ الموضوع للحكم، بلا لحاظ حيثية اخرى في الإرادة الاستعمالية» ؛ لكنّ اللفظ المطلق لايدلّ على أفراد معناه وأحوالها بدلالة وضعية ، بل بضميمة حكم العقل وقرينيته على أنّ عدم تقييد الحكم ببعض أفراد معنى اللفظ ، أو ببعض أحواله ، مع كون المتكلّم في مقام البيان ، كاشف عن أنّ ما اُسند إليه الحكم هو تمام الموضوع .
وإن شئت فقل ـ جريا على التعريف الآخر ـ : الإطلاق هو «كون اللفظ دالاًّ على معنى شائع في جنسه» ولكن لا بدلالة وضعية، بل بضميمة حكم العقل وقرينيته على أنّ عدم تقييد اللفظ الشائع في جنسه ـ من المتكلّم الّذي هو في مقام البيان ـ كاشف عن أنّ ما اُسند إليه الحكم هو تمام الموضوع .
والحاصل أنّ الإطلاق ـ في انعقاده ودلالته ـ بحاجة ماسّة إلى إحراز مقدّمات الحكمة لاسيّما كون المتكلّم في مقام البيان ، ولو بمعونة الأصل وظاهر الحال .
ب ـ الإهمال: تقدّم أنّ الإهمال ـ في الاصطلاح ـ : استعمال لفظ قابل لإرادة كلّ من وجهي الإطلاق والتقييد ـ ولو بالحمل ـ من دون إرادة المتكلّم لشيء منهما في الإرادة الاستعمالية .
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ المتكلّم في مقام استعمال اللفظ القابل للإطلاق والتقييد قد يتعمّد الإهمال لغرض الإجمال فينطبق على الإجمال ، أو لكون التفصيل غير محتاج إليه

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 190905
صفحه از 728
پرینت  ارسال به