ولا يكون المتكلّم بصدد بيان الجهة المذكورة من الإطلاق أو التقييد ، واُخرى لايهمل في البيان ، بل يريد إمّا الإطلاق وإمّا التقييد لكنّ مراده يختفى على السامع لضياع القرائن أو خفائها ، فيعرض صفة الإجمال ، وسيأتي توضيحه .
ج ـ الإجمال : هو كون الكلام مبهما محتملاً لمعنيين أو أكثر، مع عدم رجحان شيء منها على غيره ، كي يكون ظاهرا فيه .
وقد يتوسّع في نطاق الإجمال فيطلق على ما كان له ظهور في معنى ، ودلّت القرائن المنفصلة على عدم إرادة هذا المعنى ، مع خفاء القرائن الدالّة على المعنى المُراد ، فيعرض الإجمال على الكلام بعد ظهوره في أحد المعنيين أو المعاني المحتملة ، ويُسمّى المجملَ بالعرض، ۱ كما يسمّى القسم الأوّل المجمل بالذات .
والمجمل ۲ بحدّه يعمّ :
أ ـ ما كان لفظه مطلقا مع عدم توفّر مقدّمات الحكمة، أو عدم إحرازها .
ب ـ ما كان الإجمال ناشئا من اشتراك اللفظ ـ المفرد أو المركّب ، كالاشتراك اللفظي أو المعنوي، أو الحقيقة والمجاز .
ج ـ ما كان لفظه ـ المفرد أو المركّب ـ مبهما؛ كأن يكون من الشواذّ أو الغرائب وغيرها .
د ـ وما كان ظاهرا في وجه ، مع عروض الإجمال عليه بدليل منفصل .
غير أنّ الإجمال قاصر عن شمول ما يتراءى ظهوره في معنى ثمّ ينكشف إهماله بدليل مفصّل ويظهر معناه الّذي أراده المتكلّم .
فظهر أنّ النسبة بين الإهمال والإجمال هي العموم من وجه . وسيأتي ـ في ختام هذا المبحث ـ تحقيق أنّ الإجمال لا يوجب الاختلاف ، إن شاء اللّه . وإليك أمثلة الإهمال :
1.راجع المحاضرات في اُصول الفقه : ج ۵ ص۳۸۶ ـ ۳۸۷ .
2.الإجمال بالذات إمّا بإرادة المتكلّم إلغاء كلامه كذلك ، أو بعدم كونه بصدد البيان وعدم مساس الحاجة إلى تبيين الوجه الّذي صار الكلام من أجله مجملاً ، كما أنّ الإجمال بالعرض قد يكون بضياع القرائن الّتي تضفي الظهور للكلام ، أو بالقرائن الّتي بضياعها يصير الكلام ظاهرا فيما لا يمكن الأخذ به ، أو بحصول النقل اللغوي في بعض موادّ الكلام ، أو بسوق الكلام ظاهرا فيما لا يمكن الأخذ به من بدء الأمر .