19
اسباب اختلاف الحديث

يجلس فيتحدّث في المسجد الحرام، فربما نام ونمت ، فقلت له في ذلك ، فقال : إنّما يكره أن ينام في المسجد الحرام الّذي كان على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأمّا النوم في هذا الموضع فليس به بأس . ۱

فلا يتصرّف في ظهور صدر الرواية لقرائن منفصلة موجودة في سائر الروايات ، بل يحمل ذيلها على الاضطرار؛ لأنّه لابدّ لهما من مكان ينامان فيه . وأمّا ذهابه عليه السلام إلى ناحية فهو لطلب مندوحة ومكانٍ تخفّ فيه كراهة النوم في نفس الأمر، وتنتفي الكراهة بالنسبة إلى المضطرّين ، فتنبّه .

رابعا : اختلاف الحديث نشأة وتدوينا

مناشئ اختلاف الأحاديث

مناشئ اختلاف الأحاديث ـ في لمحة عابرة ـ لا تخلو عن اُمور :
أ ـ عوارض التحديث : هي كلّ ما يرجع إلى الراوي وعملية تحديثه ، سواء كانت ترجع إلى صفات الراوي ومؤهّلاته الّتي لها دخل في قبول روايته والوثوق بها ، أم ترجع إلى تحديثه بما هو غير معصوم ؛ مثل الكذب، أو التحريف، أو الإخلال في النقل بالمعنى، أو الإخلال بالمعنى في التقطيع، أو التخليص، أو الزيادة والنقيصة، وغيرها .
ب ـ أن يكون الاختلاف ناشئا من نفس المعصوم؛ لما تقتضيه بعض المصالح والحِكم ، نظير : تغيّر الظروف ولاسيما التقيّة ، ومتطلَّبات محيط التقنين ومجال التشريع ، ومقتضيات فنون البيان وأساليب التعبير ، وخصائص حقل التفسير .

بدء ظهور الاختلاف

لا ينبغي الشكّ في أنّ بدء اختلاف الأحاديث يرجع إلى زمن الرسول الكريم صلى الله عليه و آله ، فروى أهل التاريخ والحديث أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعدما فرغ من فتنة الأحزاب توجّه إلى يهود بني قريظة

1.الكافي: ج۳ ص۳۷۰ ح۱۱ ، تهذيب الأحكام : ج۳ ص۲۵۸ ح۷۲۱ نحوه .


اسباب اختلاف الحديث
18

نفس الحديثين ، لعدم الاختلاف بينهما في حدّ ذاتهما ؛ كما في المثبتَين اللذين دلّ الدليل من الخارج على عدم اجتماعهما ، كما لو دلّ الحديث الأول على وجوب صلاة الجمعة، والآخر على وجوب الظهر، وعلمنا من الخارج بعدم وجوب صلاتين في ظهر الجمعة . فالحديثان وإن لم يكونا مختلفين بحدّ ذاتهما ، إلاّ أنّ العلم بعدم وجوب الصلاتين جعلهما مختلفين . وستأتيك أمثلة اُخرى خلال الأبحاث القادمة . ۱
ولا يذهب عليك أنّه قد يكون عنصر الاختلاف بين الحديثين مخفيّا يحتاج ـ نوع المخاطبين ـ إلى دليل آخر ليكشف عن الاختلاف الموجود بينهما ، لكن حيث إنّ ذلك الدليل يكشف عن الاختلاف الموجود بينهما،وهذا يعتبر من الاختلاف الذاتيدون العرضي .

د ـ الاختلاف في حديث واحد والاختلاف بين متعدّد

اتّضح ممّا تقدّم الاختلاف بين حديثين أو أكثر ، وأمّا الاختلاف في الحديث الواحد ـ بين الصدر والذيل ـ فيتصوّر على نحوين :
أ ـ الأوّل : أن يدلّ ذيل الحديث على ما ينافي صدره قبل استقرار الظهور للذيل ، وإن انعقد للصدر ظهور بدئي منافٍ للذيل ، ففي هذه الصورة يرتفع التنافي بزوال الظهور الحرفي البدئي ، لعدم تحقّق ظهور مستقرّ للكلام قبل انتهاء جميع أجزائه المتّصلة به ؛ فإنّ لها دخلاً في انعقاد الظهور .
ب ـ الثاني : أن يدلّ ذيل الحديث على ما ينافي صدره بعد استقرار الظهور للذيل؛ كأن يتحقّق فصل بينهما ، أو لايمنع الصدر لصرف الذيل عن وجه ظهوره ودلالته . فيعامل معه معاملة الحديثين المختلفين ، مثاله :

۴.ما رواه الكليني والشيخ الطوسي بإسنادهما عن زرارة بن أعين قال :قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما تقول في النوم في المساجد ؟ فقال : لا بأس به، إلاّ في المسجدين؛ مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله ، والمسجد الحرام . قال : وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فينتحي ناحية، ثمّ

1.انظر المثال الأوّل من السبب السابع (الزيادة)، ومن السبب الحادي عشر (قلّة ثقافة الراوي) والمثال الثاني من السبب الحادي والستّين (تغيّر الزمان وتطوّره) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 191623
صفحه از 728
پرینت  ارسال به