يجلس فيتحدّث في المسجد الحرام، فربما نام ونمت ، فقلت له في ذلك ، فقال : إنّما يكره أن ينام في المسجد الحرام الّذي كان على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأمّا النوم في هذا الموضع فليس به بأس . ۱
فلا يتصرّف في ظهور صدر الرواية لقرائن منفصلة موجودة في سائر الروايات ، بل يحمل ذيلها على الاضطرار؛ لأنّه لابدّ لهما من مكان ينامان فيه . وأمّا ذهابه عليه السلام إلى ناحية فهو لطلب مندوحة ومكانٍ تخفّ فيه كراهة النوم في نفس الأمر، وتنتفي الكراهة بالنسبة إلى المضطرّين ، فتنبّه .
رابعا : اختلاف الحديث نشأة وتدوينا
مناشئ اختلاف الأحاديث
مناشئ اختلاف الأحاديث ـ في لمحة عابرة ـ لا تخلو عن اُمور :
أ ـ عوارض التحديث : هي كلّ ما يرجع إلى الراوي وعملية تحديثه ، سواء كانت ترجع إلى صفات الراوي ومؤهّلاته الّتي لها دخل في قبول روايته والوثوق بها ، أم ترجع إلى تحديثه بما هو غير معصوم ؛ مثل الكذب، أو التحريف، أو الإخلال في النقل بالمعنى، أو الإخلال بالمعنى في التقطيع، أو التخليص، أو الزيادة والنقيصة، وغيرها .
ب ـ أن يكون الاختلاف ناشئا من نفس المعصوم؛ لما تقتضيه بعض المصالح والحِكم ، نظير : تغيّر الظروف ولاسيما التقيّة ، ومتطلَّبات محيط التقنين ومجال التشريع ، ومقتضيات فنون البيان وأساليب التعبير ، وخصائص حقل التفسير .
بدء ظهور الاختلاف
لا ينبغي الشكّ في أنّ بدء اختلاف الأحاديث يرجع إلى زمن الرسول الكريم صلى الله عليه و آله ، فروى أهل التاريخ والحديث أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعدما فرغ من فتنة الأحزاب توجّه إلى يهود بني قريظة