231
اسباب اختلاف الحديث

ومن شواهد هذا الحمل مضافا إلى ما أشرنا إليه :

۲۱۸.روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنّه ليغان على قلبي، وإنّي لأستغفر اللّه في اليوم مئة مرّة . ۱

۲۱۹.وعن الإمام الصادق عليه السلام :كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتوب إلى اللّه في كلّ يوم سبعين مرّة من غير ذنب . ۲
وفي معناه أحاديث كثيرة لايسع المجال لنقلها . ۳

۲۲۰.وروى العيّاشي عن الإمام الباقر عليه السلام ما يدلّ على أنّ فَعلة يونس عليه السلام كانت تركا لما هو أحبّ إلى اللّه تعالى وأرضى عنده مع علمه عليه السلام بذلك . ۴

المثال الثاني : النهي عن إلقاء النفس في التهلكة

۰.221 1 . ورد في النصوص النهي عن إلقاء النفس في التهلكة ، خصوصا بضميمة ما دلّ على تنجّز التكليف بالعلم بالضرر .
2 . ما ورد من علم الرسول الكريم صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام بقتلهم أو تضرّرهم بشيء معيّن مع عدم تحرّزهم عن سبب ذلك ، من باب التحرّز عن الضرر والتهلكة .
وقد اتّضح وجه العلاج ممّا تقدّم ، ونزيده توضيحا بأنَّه يمكن الفرق بين العلوم في توجّه أو تنجّز التكليف بالتحرّز ؛ لأنّه يمكن أن يكون العلم الملحوظ في تنجّز هذه الأحكام هو العلم الحاصل من مبادئ وأسباب خاصّة .
وبعبارة اُخرى : من الممكن أن يكون العلم المأخوذ في موضوع وجوب التحرّز من التهلكة هو العلم الحاصل من المبادئ العاديّة ، لا ما ينزل عليهم من المبادئ العالية على سبيل الوحي أو الإلهام ، فإنّ اللّه سبحانه الّذي يعلمهم بالقتل أو الضرر بطرق تخصّهم ، هو

1.ميزان الحكمة: ج۳ ص۲۲۷۸ ح ۱۵۱۲۶ و۱۵۱۲۷ .

2.ميزان الحكمة: ج۳ ص۲۲۷۸ ح۱۵۱۲۸ .

3.راجع الكافي : ج۲ ص۵۰۴ ح۴ و۵ وبحار الأنوار : ج۹۳ ص۲۸۲ ح۲۶۲ .

4.راجع البرهان في تفسير القرآن : ج۲ ص۲۰۰ ـ ۲۰۲ وبحار الأنوار : ج۱۴ ص۳۹۲ .


اسباب اختلاف الحديث
230

مثله عليه السلام يؤاخذ عليها لا بعقاب اُخروي ۱ بل ببلاء أو بحرمان نسبي عن بعض العنايات الإلهيّة الخاصّة بهم ، وهذه الذنوب لو وقعت من غيرهم عليهم السلام لما عدّت ذنوبا له ولا يؤاخذ عليها ، بل قد يعدّ الأنبياء عليهم السلام بعض أفعالهم ذنوبا مع أنّها تعدّ من لغيرهم من أفضل القربات والطاعات ۲ ؛ ألا ترى استغفار موسى عليه السلام من قتل الكافر الظالم القبطي دفاعا عن شيعته وقرابته ، لأنّ هذه القتلة تعرقل عمّا كان يشعر به من مسؤولية إصلاح اُمّته واستئصال مادّة الظلم الفرعوني . فنلاحظ أنَّ العمل الّذي نعتبره من أفضل قرباتنا يعتبره موسى عليه السلام ذنبا بالنسبة إليه .
وكذا استغفار داوود عليه السلام من التسرّع وترك التأنّي في مقام القضاء ، مع عدم ظلمه أحدا . وكذا دعاء نوح عليه السلام لابنه استرحاما عليه .
وبعبارة اُخرى : الظلم ثلاثة : ظلم النفس وظلم الغير وظلم الربّ، فأمّا ظلم النفس فبارتكاب المعاصي ، وأمّا ظلم الربّ فهو الشرك والجحود باللّه تعالى ، وأمّا ظلم الناس فبإيذائهم وبخس حقوقهم . وكلّ منها على قسمين :
أ ـ ما يكون على حدّ متعارف الناس .
ب ـ ما يكون أدقّ منه وأرفع من مستوى أوساط الناس ؛ كأن يظلم نفسه بترك الأولى أو فعل مكروه غير منفِّر ولا مستقبَح (وذلك بالنسبة إلى بعض الأنبياء) ، أو أنّ الولي ـ بعد ازدياد معرفته بعظمة ربّه وسائرِ صفاته تعالى ـ يرى عباداتِه الماضية غير وافية بحقّ العبودية ، ولا صالحة لساحة الربوبية ، فيستقلّها من ناحية المعرفة والحضور والانقطاع ، فيعدّه من ظلمه لربّه ، أو أن يظلم غيره لا بترك حقّه الواجب في الشرع بل بقلّة اللطف والنصح والعفو وما إلى ذلك حسب ما يليق بكرامته وجلالته .

1.كما يشعِر به قوله تعالى : «فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (الصافّات : ۱۴۴ ) وقوله : « لَّوْلاَ أَن تَدَ رَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَآءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَـهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّــلِحِينَ » (القلم : ۵۰ ) .

2.راجع في تحقيقه كتابنا بالفارسيّة «دو شاهكار علوى» : ص ۶۱ ـ ۶۴ في شرح وتحقيق الخطبتين الخالية من الألف و الخالية من النقط لأمير المؤمنين عليه السلام .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 191377
صفحه از 728
پرینت  ارسال به