وحاويا لفوائد جمّة لم نجدها في غيره ، نتشرّف بذكره :
۱۸.روى الكليني بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي ، قال :قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن، وأحاديث عن نبي اللّه صلى الله عليه و آله غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي اللّه صلى الله عليه و آله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمدين ! ويفسرون القرآن بآرائهم ؟! قال : فأقبل عليّ فقال : قد سألت فافهم الجواب ؛ إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلاً ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله على عهده حتى قام خطيبا فقال : «أيّها الناس ، قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ثمّ كذب عليه من بعده .
وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنّع بالإسلام، لا يتأثّم، ولا يتحرّج أن يكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ، ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ورآه، وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره اللّه عن المنافقين بما أخبره، ووصفهم بما وصفهم فقال عز و جل : « وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » ، ثم بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم اللّه ، فهذا أحد الأربعة .
ورجل سمع من رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا لم يحمله على وجهه، ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا، فهو في يده يقول به، ويعمل به، ويرويه، فيقول : أنا سمعته من رسول اللّه صلى الله عليه و آله . فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه .
ورجل ثالث سمع من رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ