25
اسباب اختلاف الحديث

لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه .
وآخر رابع لم يكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مبغض للكذب؛ خوفا من اللّه ، وتعظيما لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمع؛ لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ .
فإنّ أمْرَ النبي صلى الله عليه و آله مثل القرآن؛ ناسخ ومنسوخ، [ وخاصّ وعامّ ]، ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول اللّه صلى الله عليه و آله الكلام له وجهان ؛ كلام عامّ وكلام خاص مثل القرآن وقال اللّه عز و جل في كتابه : « مَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ » فيشتبه على من لم يعرف ولم يدرِ ما عنى اللّه به ورسوله صلى الله عليه و آله ، وليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يسأله عن الشيء فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطاري فيسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى يسمعوا .
وقد كنت أدخل على رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلّ يوم دخلة، وكلّ ليلة دخلة، فيخليني فيها، أدور معه حيث دار . وقد علم أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول اللّه صلى الله عليه و آله أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني، وأقام عني نساءه ، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكتُّ عنه وفنيت مسائلي ابتدأني .
فما نزلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله آية من القرآن إلاّ أقرأنيها، وأملاها عليّ، فكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها، وتفسيرها، وناسخها، ومنسوخها ، ومحكمها، ومتشابهها ، وخاصّها، وعامها ، ودعا اللّه أن يعطيني فهمها ، وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب اللّه ، ولا علما أملاه عليّ وكتبته منذ دعا اللّه لي بما دعا ، وما ترك شيئا علمه اللّه من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ، فلم أنسَ حرفا واحدا . ثمّ وضع يده على صدري ودعا اللّه لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا ، فقلت : يا نبيّ اللّه بأبي أنت واُمي، منذ دعوت اللّه لي بما دعوت لم أنسَ


اسباب اختلاف الحديث
24

وحاويا لفوائد جمّة لم نجدها في غيره ، نتشرّف بذكره :

۱۸.روى الكليني بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي ، قال :قلت لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن، وأحاديث عن نبي اللّه صلى الله عليه و آله غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي اللّه صلى الله عليه و آله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمدين ! ويفسرون القرآن بآرائهم ؟! قال : فأقبل عليّ فقال : قد سألت فافهم الجواب ؛ إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلاً ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله على عهده حتى قام خطيبا فقال : «أيّها الناس ، قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ثمّ كذب عليه من بعده .
وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنّع بالإسلام، لا يتأثّم، ولا يتحرّج أن يكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ، ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ورآه، وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره اللّه عن المنافقين بما أخبره، ووصفهم بما وصفهم فقال عز و جل : « وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » ، ثم بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم اللّه ، فهذا أحد الأربعة .
ورجل سمع من رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا لم يحمله على وجهه، ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا، فهو في يده يقول به، ويعمل به، ويرويه، فيقول : أنا سمعته من رسول اللّه صلى الله عليه و آله . فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه .
ورجل ثالث سمع من رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 193535
صفحه از 728
پرینت  ارسال به