485
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثامن والستّون : تكرّر النزول

قد ترد أحاديث متعدّدة تبيّن شأن نزول آية أو آيات معيّنة ، مع اختلاف بينها؛ بأن يدلّ البعض على نزول الآية في ظرف يختلف عمّا يدلّ عليه البعض الآخر ، فالقول بتنافيها الحقيقي المانع عن الجمع بينها فرع شروط ، منها : إحراز عدم تكرّر نزول ۱ الآية المذكورة ، وإلاّ فلتحمل عليه الروايات المختلفة بهذا اللون من الاختلاف في مقام الإثبات . هذا إذا اُحرِز اعتبار الروايات المتنافية سندا .
وأمّا مع عدم إحرازها فلتحمل على احتمال تكرّر النزول ؛ لاحتمال صدور تلك الروايات ثبوتا وفي نفس الأمر . اللّهمّ إلاّ إذا علم كذب بعضها . وهذا الجمع بلحاظ مقام الثبوت ونفس الأمر، وهو ما سمّيناه بالجمع أو العلاج الثبوتي ، في قبال العلاج الإثباتي ، وقد تقدّم تفصيلهما في الأمر التاسع من المقدّمة ، فراجع وتأمّل .
توضيح ذلك : أنّ بعض الآيات لا تنزل إلاّ مرّة واحدة ويعيّن موضعها في الكتاب العزيز ، والبعض الآخر يتكرّر نزولها .
وعلى فرض التكرّر ، إن كانت الآية الثانية مستقلّة عن الاُولى ومغايرة لها بنوع من

1.قال السيوطي : «صرّح جماعة من المتقدّمين والمتأخّرين بأنّ من القرآن ما تكرّر نزوله» . ثمّ قال : «من ذلك خواتيم سورة النحل، وأوّل سورة الروم ، وآية الروح، والفاتحة، وقوله: « مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ . . . » الآية ، وقوله: « وَ أَقِمِ الصَّلَوةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ . . . » الآية ، سورة الإخلاص، وكذلك قوله: « مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ . . . » الآية » وعدَّ من فوائده وحِكَمه : التذكير، والموعظة، والتعظيم لشأن ما نزل مرّتين، والتذكير عند حدوث سببه لخوف نسيانه . فإنّه قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة تقتضي نزول آية ؛ وقد نزل قبل ذلك ما يتضمّنها، فيوحى إلى النبيّ صلى الله عليه و آله تلك الآية بعينها تذكيرا لهم بها، وبأنّها تتضمّن هذه (راجع الإتقان في علوم القرآن : ج۱ ص۱۳۰ ) .


اسباب اختلاف الحديث
484

وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ» . وأمّا الاختلاف بين كون الّذي أعتق أمته فتزوّج بها هو ابنَ رواحة أم حذيفة ـ رضي اللّه عنهما ـ فالظاهر أنّه من سهو الراوي في الرواية الثانية ، ولا يهمّنا البحث عن هذه الجهة هنا .
قال العلاّمة الطباطبائي : «لاتنافي بين هذه الروايات الواردة في أسباب النزول؛ لجواز وقوع عدّة حوادث تنزل بعدها آية تشتمل على حكم جميعها» 1 .
أقول : يلاحظ عليه بأنّ الحمل على تعدّد الوقائع فرع إحراز تماميّة الآية النازلة في وقت النزول ، كي يعقل التنافي بين الروايتين ـ المشتمل كلّ واحدة منهما على شطر من الآية ـ بدلالة التزامية ، وإلاّ فمع احتمال تعدّد زماني نزول الشطرين ، فلابدّ من الحمل عليه ؛ صونا لكلّ من الروايتين ، وأخذا بظاهر كلّ منهما .

1.الميزان في تفسير القرآن : ج۲ ص۲۰۶ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 191318
صفحه از 728
پرینت  ارسال به