547
اسباب اختلاف الحديث

السبب السادس والسبعون : إضافية الحصر والنفي

قد يرد في الحديث نفيُ حكمٍ أو صفةٍ أو نسبة عمّا هي له ، فيتراءى في بادئ النظر أنَّ المتكلّم أراد نفيها عنه حقيقة ، مع أنّه ربما لايقصد إلاّ نفيَها عنه في الجملة ؛ أعني في الأفراد أو الكيفية الّتي كان المخاطب يتوهّم ثبوت ذاك الحكم أو الصفة في تلك الأفراد أو الكيفيّة له . ويعتبر كلّ من هذا الحصر والنفي إضافيا ، يساق لدفع توهّم المخاطب .
ويحصل من جرّاء هذا النوع ـ من استعمال الحصر أو النفي أو استعمالهما معاً ـ تنافٍ صوري بين ما سيق بهذا البيان وبين سائر الأحاديث .
واستعمال هذا الاُسلوب لا يختصّ بالروايات الواردة في تفسير القرآن ، بل ولا بالأعمّ منها وممّا يفسِّر السنّة ، لكنّ كثرة استعماله في الروايات المفسِّرة ، وأهمّية معرفته لأجل فهمها يتطلّبان إدراجه في القسم الخامس المختصّ بحقل التفسير .
ولعلّ أكثر استعماله في الأحاديث الواردة في وجوه التأويل ، أو المفسِّرة لآيات الفضائل باختصاصها بأهل البيت عليهم السلام على بعض وجوه التفسير بالتطبيق . وكذا الروايات المفسِّرة لآيات الرذائل بقصرها على أعدائهم . وهذا لا يعني إنكار نزول كثير من الآيات مختصّةً بهم ، كآية «اُولي الأمر» و «التطهير» وغيرهما ، فتنبّه .
ولأجل هذا كان لمعرفة هذا الاُسلوب دور هامّ ومدخل كبير في فهم الأحاديث التفسيرية والفقهية وغيرهما ، ويترتَّب عليه آثار جليلة في الفقه والتفسير وسائر المعارف ، وإن وقعت الغفلة عنه وعن أهميته عند كثير من الباحثين في العلوم المذكورة .
وأمّا السرّ في كون التفسير أكثر مجال لهذا النوع من اختلاف الحديث فهو أنّه من مظانّ


اسباب اختلاف الحديث
546

نزلت فيهم ، وببطنها تشمل الّذين يعملون كعملهم ، فالآية باقية حيّة جارية ما دامت السماوات والأرض .

۵۸۶.الصدوق بإسناده عن حمران بن أعين ، قال :سألت أبا جعفر عليه السلام عن ظهر القرآن وبطنه ، فقال : ظهره الّذين نزل فيهم القرآن ، وبطنه الّذين عملوا بمثل أعمالهم ، يجري فيهم ما نزل في اُولئك . ۱

۵۸۷.الصفّار بإسناده عن فضيل بن يسار، قال :سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية «ما من القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن» ، فقال : ظهره تنزيله، وبطنه تأويله، منه ما قد مضى، ومنه ما لم يكن، يجري كما يجري الشمس والقمر، كلّما ۲ جاء تأويل شيء منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال اللّه : « وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّ سِخُونَ فِى الْعِلْمِ » نحن نعلمه . ۳

وحاصل التأمّل في الروايات التي ورد فيها مصطلح الجري ، ولحاظ معنى الجري لغة، وتشبيه جري القرآن بجري الليل والنهار والشمس والقمر وسائر القرائن الموجودة في هذه الأحاديث ، يشرف بالمتأمّل على القطع بكون المراد من جري الآية هو حياتها الدائمة، وكون اللفظ القرآني بحيث يجري وينطبق على كثيرين ، فيكون مرادفا للانطباق على المصاديق . وإن شئت فقل : هو عبارة عن التطبيق والتفسير بالمصداق ، فيشمل موارد انطباق العامّ على أفراده ، والمطلق على مصاديقه ، والعنوان المأخوذ في القضايا الحقيقية على مجاريه ، والقضايا الشخصية أو الجزئية على غير من نزل فيه اللفظ، إذا دلّ الدليل على عدم خصوصية للمنزَّل فيهم ، وعدم اختصاص الحكم بهم .

1.معاني الأخبار : ص۲۵۹ ح۱ ، بحار الأنوار: ج۹۲ ص۸۳ ح۱۴، و ص ۹۷ ح ۶۴ .

2.في المصدر : «كما» والتصحيح من بحار الأنوار نقلاً عن المصدر .

3.بصائر الدرجات: ص۱۹۶ ح۷ ، تفسير العيّاشي: ج۱ ص۱۱ ح۵ نحوه .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 191608
صفحه از 728
پرینت  ارسال به