كما تدلّ القرائن الكثيرة على أنّ بعض الأنبياء بشّروا بمجيء النبيّ الخاتم .
وعلى أيّ حال ، فمن وجهة نظر القرآن أنّ مواصفات الرسول صلى الله عليه و آله قد ذُكرت بشكل واضح في الكتب السماوية ، بحيث أنّ أهل الكتاب كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم :
« الَّذِينَ ءَاتَيْنَـهُمُ الْكِتَـبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ » . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّه لو كان هناك أيّ شكّ في ادّعاء القرآن القاضي ببشارة الكتب السماوية بنبوّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله والمعرفة الكاملة لأهل الكتاب له في عهد نزول القرآن ، لطرحه أعداء الإسلام معارضة لهذا الدين . وبناءً على ذلك فإنّ عدم تسجيل معارضة واضحة وموثقة لهذا الادّعاء الصريح ـ رغم وجود الدافع الأكيد لها ـ هو دليل واضح على صحّة هذا الادّعاء ، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ هناك في التوراة والإنجيل الحاليين ورغم كلّ التحريفات فيها ، فقرات يمكن تطبيقها على خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله . ۲
1 / 3 ـ شهادة من عنده علم الكتاب
يتمثّل البرهان الثالث للقرآن على رسالة خاتم الأنبياء في شهادة الشخص الّذي تعتبر شهادته كشهادة اللّه تعالى ، كافية لإثبات صدق رسول اللّه صلى الله عليه و آله في محكمة العقل والضمير ، وقد قدّم القرآن مثل هذا الشخص بعنوانين : أحدهما «مَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَـبِ» :
«وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدَا بَيْنِى وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَـبِ » . ۳
والعنوان الآخر : «شاهد منه» :
« أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَ مِن قَبْلِهِ كِتَـبُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً » . ۴