13
نبي الرحمة من منظار القران و أهل البيت

«وَ لَمَّا جَآءَهُمْ كِتَـبٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَـفِرِينَ» . ۱
ومن البديهي أنّ من غير الممكن أن يطلق القرآن مثل هذا الادّعاء جزافا في المحيط الّذي يتواجد فيه علماء بني إسرائيل إلى جانب المشركين ؛ ذلك لأنّ الصرخات ستنطلق من كلّ جانب بأنّ مثل هذا الادّعاء ليس صحيحا ، وهذا يدلّ بحدّ ذاته على أنّ هذا الموضوع كان واضحا في بيئة نزول الآيات إلى درجة بحيث لم يكن بالإمكان إنكاره .
وبالإضافة إلى علم علماء اليهود والنصارى واطّلاعهم على بعثة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقد كانت طائفة كبيرة منهم في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله آمنت واعترفت بأنّه نفس النبيّ الّذي كانت الكتب السماوية السابقة قد بشّرت به . ۲

1 / 5 ـ شهادة العلم

يرى الكتاب والسنّة ، أنّ للعلم علاقة وثيقة بالإيمان بالتوحيد والنبوّة ، والعالم الحقيقي هو من يؤيّد صدق خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله ورسالته :
«وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ يَهْدِى إِلَى صِرَ طِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»۳ .
وعلى هذا الأساس فقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
«العِلمُ حَياةُ الإسلامِ وعِمادُ الإيمانِ» ۴ .
لكن أي علم يعدّ مصداقا لحياة الإسلام وعماد الإيمان ؟ هذا ما سنوضّحه في متن الكتاب إن شاء اللّه . ۵

1 / 6 ـ حكم اللّه تعالى

إنّ اُسلوب القرآن لإثبات نبوّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله هو ـ في المرحلة الاُولى ـ الاستناد إلى

1.البقرة : ۱۰۱ .

2.راجع : ص ۴۱ (معرفة علماء بني إسرائيل وإيمان عدّة من علماء أهل الكتاب) .

3.سبأ : ۶ .

4.راجع : ص ۴۳ ح ۲۴ .

5.راجع : ص ۴۵ (دراسة في شهادة العلم على نبوّة محمّد صلى الله عليه و آله ) .


نبي الرحمة من منظار القران و أهل البيت
12

واستنادا إلى الروايات الّتي جاءت فى مصادر الفريقين المعتبرة ، فإنّ المراد من «الشاهد» و «من عنده علم الكتاب» ، أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فالشخص الّذي يعرف خصوصيات هذا الإمام العلمية ۱ والأخلاقية ۲ والعمليّة ۳ ، يعلم أنّه لا يقول عبثا ولا ينطق إلاّ بالحقّ ، ولذلك فإنّ شهادة الإمام عليّ عليه السلام إلى جانب شهادة اللّه تعالى ، هي وثيقة واضحة على نبوّة النبيّ صلى الله عليه و آله ، ويكفي اتّباع شخصية بارزة مثل عليّ بن أبي طالب عليه السلام لرسول اللّه صلى الله عليه و آله لإثبات صدقه ورسالته .
ويجدر ذكره أنّ أميرالمؤمنين أعلم الاُمّة بكتاب اللّه بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ومن أكبر مصاديق الشاهدين على الرسالة ، وبناءً على ذلك فإنّ تطبيق الآية المذكورة عليه لا يتنافى مع انطباقها على سائر أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بل إنّ كلّ شخص يعرف القرآن حقّا هو شاهد على صدق من نزل بالرسالة .

1 / 4 ـ اطّلاع علماء بني إسرائيل

الدليل الرابع للقرآن لإثبات رسالة خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله ، هو اطّلاع علماء بني إسرائيل على نبوءة نزول القرآن عليه صلى الله عليه و آله :
«وَ إِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَـؤُاْ بَنِى إِسْرَ ءِيلَ»۴ .
وتدلّ هذه الآية على أنّ علماء بني إسرائيل تنبّؤوا بموضوع نبوّة خاتم الأنبياء والّتي كانوا قد رأوها في كتب الأنبياء السابقين ، وأوضحوها للمشركين قبل بعثته صلى الله عليه و آله وكانوا يهدّدونهم بأنّهم سينتقمون منهم بمجيء ذلك النبيّ ، كما جاء في آية اُخرى :
«وَ لَمَّا جَآءَهُمْ كِتَـبٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَ كَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَـفِرِينَ» . ۵
وجاء في آية اُخرى :

1.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب : ج۶ ص۷ (القسم الحادي عشر : علوم الإمام علي عليه السلام ) .

2.راجع : نفس المصدر : ج۵ ص۲۳۱ (الفصل الثاني : الخصائص الأخلاقيّة) .

3.راجع : نفس المصدر : ج۵ ص۲۷۹ (الفصل الثالث : الخصائص العمليّة) .

4.الشعراء : ۱۹۶ و ۱۹۷ .

5.البقرة : ۸۹ .

  • نام منبع :
    نبي الرحمة من منظار القران و أهل البيت
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 21069
صفحه از 176
پرینت  ارسال به