63
نبي الرحمة من منظار القران و أهل البيت

تعالَج أدواؤها أوّلاً .
وعندما يُصار إلى معالجة أمراض الروح وتحطيم أصفاد الفكر ، ورفع حُجب الفكر ، يتجلّى مشعل العقل المتوقّد ، ويغدو طريق تقدّم الإنسان لاحبا مُعبّدا . وفي هذا الشأن يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
«مَن غَلَبَ شَهوَتَهُ ظَهَرَ عَقلُهُ» .۱
وفيما يتّصل بهذه النقطة يرسم القرآن الكريم معالم نظام الحكم النبويّ ، بهذه الصيغة :
«اللّهُ وَليُّ الّذينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّور»۲ .
أمّا في الأنظمة الطاغوتيّة فإنّ المسألة تظهر معكوسة تماما ، إذ تُرتّب البرامج في هذه الأنظمة بحيث تقود إلى تسلّط الميول والأهواء الحيوانيّة على الإنسان ، حتّى تتحوّل هذه الميول إلى غشاوة تحجُب بصيرته وفكره ، فتظلّ الحقيقة قابعةً خلف الأستار .
ذلك أنّ هذه الأنظمة سواء أكانت شيوعيّة أو ليبراليّة أو ملكيّة إنّما تقتات بجهل الناس ، ومتى شاع الوعي انتقض وجودها . يقول القرآن الكريم :
«والّذينَ كَفَروا أولياؤهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ»۳
.

1.غرر الحكم : ح۷۹۵۳ .

2.البقرة : ۲۵۷ .


نبي الرحمة من منظار القران و أهل البيت
62

«لا يَسْتَرِقَنَّكَ الطَّمَعُ وقَد جَعَلَكَ اللّهُ حُرّا»۱.
وقوله :
«لَيسَ مَنِ ابتاعَ نَفسَهُ فَأعتَقَها ، كَمَن باعَ نَفسَهُ فَاَوبَقَها»۲.
وقوله :
«مَن تَرَكَ الشَّهَواتِ كانَ حُرّا»۳.

حرّيّة الفكر

إنّ الأنبياء الإلهيّين ، بتحطيمهم تلك الأغلال ، يُطلقون في الإنسان حرّيّة الفكر ، ويستخرجون فيه كنوز العقول بعد أن كانت دُفِنت في مستنقع الشهوات .
ومن هنا قال الإمام عليّ عليه السلام عن غاية بعثة الأنبياء :
«ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ»۴.
وما دام عقل الإنسان مُكبّلاً بالشهوة ، وفكره مأسورا بالهوى ، وشعلة الفكر المضطرمة مطمورة تحت حُجب عبادة الذات والأثَرة والاعتداد بالنفس ... فلن يكون للفكر والعلم إلاّ أثر واهن ضئيل في إطلاق الإنسان وفي تكامله .
يقول الإمام أمير المؤمنين بهذا الشأن :
«حَرامٌ عَلى كُلِّ عَقلٍ مَغلُولٍ بِالشَّهوَةِ أن يَنتَفِعَ بِالحِكْمَةِ»۵.
وهذه الحرمة التي يتحدّث عنها الإمام هي حرمة تكوينيّة ، ومثلما لا يلتذّ جسم المريض بالغذاء اللذيذ ، ولا يكون للأطعمة الطيّبة المقوّية من أثر إلاّ إذا عولج مرض الجسم .. فإنّ روح الإنسان يتعذّر عليها أن تنتفع بالحكمة ـ التي هي غذاء الروح ـ ما لم

1.غرر الحكم ، ح۱۰۳۱۷ .

2.بحار الأنوار : ج۷۷ ص۴۱۹ .

3.المصدر السابق : ص۹۱ ح۹۸ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱ .

5.غرر الحكم : ح۴۹۰۲ .

  • نام منبع :
    نبي الرحمة من منظار القران و أهل البيت
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 21087
صفحه از 176
پرینت  ارسال به