« رَسولُ اللّهِ المُنذِرُ، وعَلِيٌّ الهادي، أمَا وَاللّهِ ما ذَهَبَ مِنّا و ما زالَت فينا إلَى السّاعَةِ» . ۱
وقد ورد التأكيد على هذه الحقيقة في حديث الثقلين المتواتر والقطعي الصدور أيضا ، ۲ وبذلك استمرّت الإمامة والقيادة الإلهيّة لأهل بيت النبوّة حتّى مدّة تقرب من ثلاثة قرون . ولكن بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام اقتضت الحكمة الإلهية أن يختفي الإمام من بعده ـ والّذي هو الأب الروحي للاُمّة الإسلامية ـ عن الأنظار وأن يوكل أمر المجتمع الإسلامي اليتيم إلى رعاية الفقهاء والعلماء ، كما روي عن الإمام العسكريّ عليه السلام :
« حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أشَدُّ مِن يُتمِ اليَتيمِ الَّذِي انقَطَعَ مِن اُمِّهِ وأبيهِ ، يُتمُ يَتيمٍ انقَطَعَ عَن إمامِهِ ولا يَقدِرُ عَلَى الوُصولِ إلَيهِ ولا يَدري كَيفَ حُكمُهُ فيما يُبتَلى بِهِ مِن شَرائِعِ دينِهِ ، ألا فَمَن كانَ مِن شيعَتِنا عالِماً بِعُلُومِنا ، وهذَا الجاهِلُ بِشَريعَتِهِ المُنقَطِعُ عَن مُشاهَدَتِنا يَتيمٌ في حِجرِهِ ، ألا فَمَن هَداهُ وأرشَدَهُ وعَلَّمَهُ شَريعَتَنا كانَ مَعَنا فِي الرَّفيقِ الأعلى» . ۳
ومن حكم غيبة إمام العصر(عج) أن تجرّب البشرية أنواع أنظمة الحكم المدّعية للعدالة والحريّة وحقوق الإنسان ، وأن تدرك من خلال هذه التجربة أنّ قيادة الزعماء الإلهيين هي الوحيدة الّتي تستطيع إقامة العدالة في العالم ، وأن تدرك الاُمّة الإسلامية أيضا أنّ امتلاك أكمل البرامج لا يكفي للوصول إلى المجتمع الإسلامي الموعود والمطلوب ، بل إنّ إمامة أهل بيت الرسالة إلى جانبه ضروري أيضا ، وقد وردت الإشارة إلى هذه الحكمة في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام :
«ما يَكونُ هذَا الأمرُ حَتّى لا يَبقى صِنفٌ مِنَ النّاسِ إِلاّ وقَد وُلّوا مِنَ النّاسِ حَتّى لا يَقولَ قائِلٌ : إنّا لَو وُلّينا ، لَعَدَلنا! ثُمَّ يَقومَ القائِمُ بِالحَقِّ وَالعَدلِ» . ۴
1.المصدر السابق : ج ۱ ص ۴۹۱ (الفصل الثامن : أحاديث الهداية) .
2.راجع : كتاب الإمام المهدي من منظار حديث الثقلين .
3.الاحتجاج : ج ۱ ص ۷ .
4.كتاب الغيبة للنعماني : ص ۲۷۴ ح ۵۳ .