المكنون في حقائق الكلم النبوية - صفحه 277

الوصلات، ووصال في المناجاة. وهذه اللطائف قرّة عينه في الصلاة، ففي كلّ درجة له ألف مقام لودنا منها أهل الملكوت لاحترقوا من شعاعها ولمعانها، وفي كلّ درجة له وصال وخطاب واُنس وشوق وعشق. فإذا أدرك زيادة من فيض المشاهدة وأنوار اللقاء هاج سرّه بالاُنس إلى طلب المزيد، فإذا انكشف مراده في الصحو سَكِر روحه بالأحديّة، وبكى عقله بالوحدانيّة، وضحك روحه من الفرح بالمشاهدة. فاذا بدا لعين سرّه هلالُ المشاهدة تواجد قلبه وأزّ صدره وبكت عينه من احتراق سرّه بنيران كبرياء الأزل، فصارت صورته تقشعرّ من ثقل بُرَحاء المشاهدة، ويكون كالغائب عن الوجود من حلاوة المشاهدة، فظهرت آثارها في خَلقه وخُلقه من البكاء والوجد والسكر. سبحان اللّه الذي فتح لسيّد المرسلين وقدوة المقرّبين وشاه العارفين أبواب خزائن جبروته، وملّكه على أملاك ملكوته ـ صلوات اللّه عليه ـ دهرا بعد دهر وأبدا بعد أبد، بعدد ما مضى من الزمان وعدد ذرّات الأكوان .

۲۳.وقالت عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ:ما رأيت أحدا الوجعُ عليه أشدّ من رسول اللّه صلى الله عليه و سلم ۱ .
كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ جِنانيّ الصورة، إلهيّ الصفة، ربّانيّ الروح، مصفىً من كدر الخليقة، مُذابا في أنوار المشاهدة، لايبقى على ظاهره شعرة ولابشرة ولا في بطنة ذرّة إلا هي مملوءة من أنوار سبحات ذات الصمديّة وسنا صفات الألوهيّة، سقيمة من بلاء بُرَحاء طوارقات كشوف الأزليّات، ولايبقى عليها موضع آلام امتحان الظاهر. فإذا زيد عليه ألم الصورة كان بلاؤهُ فيه أوجَع، ويكون سُقمه مرتين كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ إنّما اُوعَك كما يُوعك أحدكم مرتين وفيه

1.مسند أحمد ، ج۶ ، ص۱۷۳ ، وفيه : «مارأيت الوجع على احد أشد منه على رسول اللّه صلى الله عليه و آله» .

صفحه از 363