هذا وصف قوم ذكرنا صفتهم من أهل بلاء المعرفة، الذين يقرؤونَ الأناجيل بوصف رؤية مشاهدة الصفات، يُؤَوِّهُون من إدراك جلال الذات، من فرط عشقهم وأزيز مواجيدهم، كما وصف اللّه تعالى خليله عليه السلام بالتأَوُّه في الوجد وحملِ موارد أنوار المشاهدة، قال تعالى: «إنّ إبراهيم لَأَوّاه» .
۲۶.وقال صلى الله عليه و سلم:لاتحلّ الصدقة لغنيّ ولالّذي مِرَّة سَوِيٍّ ۱ .
الغنيّ العارف باللّه ، وغناه التوكّل والرضى والتسليم، غَنِيَ باللّه واستغنى من دون اللّه باللّه ، وما فتح اللّه لبصر سرّه خزائن ذخائر غيب ملكوت القِدَم فيرى في كل ذرّة سَنيَّ مواهب اللّه كأنّها تناثرت فيض جبروت اللّه . قال تعالى: وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلاّ هو. وقال تعالى: عالم الغيب فلايظهر على غيبه أحدا إلاّ من ارتضى من رسول .
والمستقيم المطمئنّ بنعت اليقين في مقام المكاشفات والمشاهدات هو ذو هرّة برَوح قدس اللّه سَوِيّ متمكّن الخلق في أحكام العبوديّة، بنعت الصبر والرضى فيما يأتي من الحقّ إليه من طوارق القهر وكرائم اللطف. وهذان إذا بلغا ما وصفنا من نعوت الرجال الذين لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر اللّه لايحلّ عليهما صدقات أهل التهمة في المعرفة؛ لأنّها أوساخ خواطر البخلاء ، وهي علّة خرجت من مذلّة الأسباب، لذلك ما أكل منها رسول اللّه صلى الله عليه و سلم لأنّ آكِلَها يُتَّهم، وأولياء اللّه وأنبياؤه تركوها حتّى يكون الدين كلّه للّه .
۲۷.وقال صلى الله عليه و سلم:اليد العليا خير من اليد السفلي ۲ .
1.قرب الاسناد ، ص۱۵۵ ؛ معانى الاخبار ، ص۲۶۲ ؛ تهذيب الاحكام ج۴ ، ص۵۱ ؛ سنن نسائي ، ج۵ ، ص۹۹؛ مسند أحمد ، ج۲ ، ص۱۹۲
2.الكافي ، ج۴ ، ص۱۱ ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج۴ ، ص۳۷۶ ؛ سنن نسائي ، ج۵ ، ص۶۱؛ مسند أحمد ، ج۲ ، ص۴