كانوا يسمعون أصوات الوُصلة من الحقّ بواسطة صوت داود عليه السلام. جذب الحقّ أرواحهم من مناداته وصوته بنعت دعوتهم إلى لقائه ، إذا حرّك جرس أصوات القِدَم للأرواح المباركة . وذلك الصوت في اُمّة محمد عليه السلام يبدو في أصوات المحبّين في وقت هيجان شوقهم إلى لقاءاللّه تعالى . لقد اُعطي أبوموسى مزمارا من مزامير آل داود ۱ .
قال يحيى بن معاذ : الصوت الحسن لوحة من اللّه لقلب فيه حبّ اللّه .
۱۰۶.وقال صلى الله عليه و سلم :أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ۲ .
كان في ذلك الوقت في مشاهدة عظمة اللّه ، فتواضع لكبرياء اللّه وخاف من غيرة جلاله ، وذلك مقام الإجلال كما روي في الخبر أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال : «رأيت جبريل عليه السلام مثل الحِلس البالي فعلمت فضل علمه وخشيته عليّ». يحتمل أنّه عليه السلام كان في تلك الساعة في مقام الرجاء وحسن البسط ، وجبريل في مقام الخوف ، فرأى خوفه وخشيته وعلمه بالقهر أكثر من خوف نفسه وعلمها بالقهر؛ لأنّها فى رؤية الآلاء والنّعماء ، فإذا زاد الرجاء نقص الخوف . أو كان في ذلك الوقت في بداية النبوّة ، فإذا بلغ عين التمكين صارخوفه وعلمه أكثر من خوف جبريل وعلمه . أو كان عليه السلام في رؤية عظمة الذات ، وجبريل في رو?ة قهر الأفعال وعلم الأفعاليات، والخشية من قهرها حجاب من كان في مشهد القديم ، وهذا كمال إذ هو في عالم الجمع وليس في عالم التفرقة ، كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ «أنتم أعلم باُمور دنياكم وأنا أعلم بأمور آخرتكم» أو كان يستعمل
1.مجمع البحرين، ج ۳، ص ۳۱۸ ؛ بحارالأنوار، ج ۶، ص ۳۰۹ ؛ سنن الدارمي ، ج۲ ، ص۴۷۳ وفيه : « . . . لقد أوتي أبو موسى . . .» .
2.الأشعثيات، ص ۲۳۳ ؛ مستدرك الوسائل، ج ۱۲، ص ۱۹؛ مستدرك الحاكم ، ج۳ ، ص۴۸ و قد تكرر الحديث في رقم ۱۶۱.