المكنون في حقائق الكلم النبوية - صفحه 346

بلى يا رسول اللّه . وظننّا أنّه يسمّي رجلاً. فقال: إنّ أبغضكم إلى اللّه أبغضكم إلى الناس. أفهمنا أنّ قلوب الناس من محبّتها لأحدٍ هي شواهد محبّة اللّه له؛ لأنّ القلوب تميل إلى من عليه كسوة الربوبيّة وتحبّ من له حقيقة المعرفة، وتُبصر مواهب اللّه في سمات العارفين. وإنّ اللّه تعالى إذا أحبّ عبداً حبّبه في قلوب جميع الخلائق من العرش إلى الثرى، قال تعالى «سيجعل لهم الرحمن ودّا» .

۱۶۳.وقال صلى الله عليه و سلم:إنّ للّه تعالى عباداً يعرفون الناس بالتوسّم ۱ .
التوسّم استدلال الفراسة بوسم الصورة، وهو أحد علامات الفراسة، قال تعالى: «تعرفهم بسيماهم» وهكذا المعرفة بألحان في لحن قوله تعالى «ولتعرفنّهم في الحسن القول» وهذه ليست بالفراسة المحضة لما فيها نوع من الاكتساب وهو التأمّل والتفكّر، وهذا درجة المريدين في الفراسة. ودرجةُ العارفين فيها أنّهم يعرفون الخلق بمعرفة الجبّار، ويبصرون ما في قلوبهم من نور اللّه ، وإذا أراد اللّه تعالى أن يعرِّف المريد ضمائر الخلق يبرز ما في قلوبهم في سيماهم، فإذاً رأوا وجوههم يرون ما في قلوبهم بما أثّرمن ضمائرهم في وجوههم.

۱۶۴.وقال صلى الله عليه و سلم لعمّه العباس ـ رضي اللّه عنه ـ :يعجبني جمالك ۲ ! قال: وما جمال الرجل؟ قال: فصاحة لسانه. وروي أنه قال: ما الجمال؟ فقال: صواب القول بالحقّ. قال: فما الكمال؟ فقال: حسنُ الفعال بالصدق ۳ .
بيّن ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنّ الجمال فصل الخطاب في بيان الحقيقة، والكمال استعمال ما وقع من البيان بنعت وجدان لذّته في صدق النية، فالجمال

1.مرآة العقول، ج۳، ص۱؛ بحارالأنوار، ج۲۴،ص۱۲۳؛ كنزالعمّال ، ج۱۱ ، ص۸۸

2.كنزالعمّال ، ج۱۰ ، ص۱۵۲، فيه: «جمال الرجل فصاحة لسانه» .

3.كنزالعمّال ، ج۳ ، ص۳۴۴ و ج۱۰ ، ص۱۵۲، فيهما : «الجمال صواب القول بالحق والكمال حسن الفعال بالصدق» .

صفحه از 363