المكنون في حقائق الكلم النبوية - صفحه 267

وفي حديثه ـ صلّى اللّه عليه وسلم ـ هذا بيان حثّهِ خواصّ اُمّته على الاستنباط.
واستنبطَ من قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في هذا الحديث حسنُ البصريّ ـ رحمة اللّه عليه ـ قال: الظهر هو الظاهر، والبطن هو السّر، والحدّ هو الجوف الذي فيه علم الخير والشرّ، والمطلع الأمر والنهي.
ففي هذه الأحاديث واستنباط الصحابة والتابعين فيها، دليلٌ على ما فسّرنا من حقائق ما انتخبنا من نفائس الأخبار والآثار التي أودع اللّه أسرارها القلوب الخالصة، وأخفى أنوارها في الصدور الصافية، التى خصّها بمكنونات علمه وبدائع حكمته، حتى أطلعها على بعض سرائر خصائص غيبه الذي لم يُطلِع عليه أحدا إلا من ارتضى من رسول.
والحمد للّه على ما هدانا إلى هذا العلم الذي اختاره لنجباء أوليائه ونقباء أصفيائه، وعليه كفايتنا فيه وعصمتنا به ۱ ، فإنّه منقذ أوليائه من امتحانه، ومعين كلّ طالب بمراده.
ثم ما أوردتُ في هذا الكتاب كلّه سرّ النبوة والولاية، وإنّه علم ذو شجون وفنون، حكمتها قوّة لمعرفتها، ومعرفتها قوة لسرّها وحقيقتها، والظاهر منها يشبه باطنها، وباطنها يشبه حقيقتها، وحقيقتها تشبه عينها، ولكلّ حرف منها علم، ولكلّ علم أصل، وبعضها شاهد بعض. خصّ بها كلّ عالم من الربّانيين بسرِّ علمٍ منها، وكلُّ واحد منهم حظّه منها بقدر معرفته باللّه وسيره في ملكوته وجبروته.
وإخبار من كُشِف له هذا العلم لغير أهله تعدٍّ وظلم لأنَّ للأنبياء والأولياء أسرار لايجوز كشفها إلاّ لأهلها، وهي أمانات اللّه في قلوبهم، أطلعهم على مكنون سرائر غيبه، وكشف لهم عن حقيقة ما أوحى إلى نبيّه ـ صلّى اللّه عليه وسلم ـ فنطقوا به

1.في الأصل «له» و لكن ما أثبتناه أولى بالسياق .

صفحه از 363