وخصّ الصلاة من سائر العمل لأنّ فيها ترى الأرواح هلال المشاهدة. والمحافظة على الوضوء ترسم القلوب بسنا المحبة، وقوله عزوجل : «إنّ اللّه يحبّ التوّابين ويحب المتطهرين ».
۲۲.وقالت عائشه رضى الله عنه فقدتُ رسول اللّه صلى الله عليه و سلم من الفراش فالتمستُه فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في السجدة وهما منصوبتان، وهو يقول :اللهمّ أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لااُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. وفى رواية: سجد لك خيالي وسوادي، وآمن بك فُؤادي ۱ .
كان صلى الله عليه و سلم: في مشهد القرب، فبرق له برق التوحيد من سحائب العظمة، فغاص في بحر الكبرياء بنعت التلاشي، فلم يدرك قعر قلزم القِدَم، فرجع إلى ساحل العبوديّة، ونعت وجوده بالخشوع في العظمة فبذل وجوده فقال: «سجد لك خيالي وسوادي» حاز خياله بالعبوديّة حتى لاينفرد شيء منه بغير نعت الفناء، فدقّ الطريق في التواضع اذا كان لم يخلُ خياله عن مقام الفناء في بقاء الحقّ . ثم تطرّق من الخيال إلى الصورة وأدخل عنق البشريّة في ربقة العبوديّة، وأفناها في قهر سلطان الأحديّة.
ثم علا من رؤية النفس والصورة إلى عالم القلب وقال: «آمن بك فؤادي» أي أيقنك قلبي بنعت البقاء في بحر ديموميّتك ونعت فنائه فى كبرياء عظمت. ثم فَنِي عن الخيال والسواد والفؤاد ورؤيتها في رؤية بروق تجلّي القِدَم في بروزه بنعت قهر كبرياء الأزل، فكاد أن يحترق بأنوارها، ففرّ عن مشاهدة القهر إلى مشاهدة اللطف، وهما نعتان قديمتان، فقال: «أعوذ برضاك من سخطك» .
ثمّ رأى طوارق المَكرِيّات في صفات الأفعال، ففرّ من صفة إلى صفة من
1.سنن نسائي ، ج۱ ، ص۱۰۲؛ مسند أحمد ، ج۱ ، ص۹۶ و ورد مع اختلاف يسير في بحارالأنوار ج ۹۱ ، ص ۴۱۷