إذا أدخل الحقّ عبده في مقام الرجاء، وآنسه بحسن البقاء، وكاشفه نعوت الآلاء والكرامات، ونوّره بنور المكاشفة، يكون موقنا بوجدان ما اصطفاه اللّه به في الأزل من الغفران والمشاهدة، أعطاه مراده إذ هو مراده. وهو عند مراده إذا ذكره فى نفسه بوصف الأزليّة وفنائه في أبديّته بنعت الكتمان عن غيره، ذكره الحقّ بجلاله في جماله باصطفا وما اختاره في ذكره السابق. وإن ذكره بين العموم ذكره الحقّ بين خصوص الأنبياء والأولياء والملائكة بالتشريف واختصاصه بالولاية .
۴۱.وقال صلى الله عليه و سلم :إنّ اللّه تعالى قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب. وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليَ ممّا افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحببتهُ، فإذا أحببتهُ كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا ۱ . وفي روايةٍ «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لاُعطينّه، وإن استعاذ بي لاُعيذنّه. وما تردّدت في شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءتَهُ» ۲ .
أفهم أنّ للولي أحكام المعارف والكواشف يتقلب فيها بحكم الوقت بغير اختياره، فربّما نفع في بحر النكرات فيسقط عن عيون الخلق بها، فمن رآه بعين النقص سقط من عين اللّه . وفيه إشارة إلى عين الجمع؛ لأنّه تعالى تلبّس بخلقه في خلق الوليّ، وأظهر وجوده منه، أ لاترى إلى قوله تعالى: «كنت سمعه وبصره» وهذا بعد عبور العارف بحر المحبّة بسفن العبوديّة وهي الفرض والنفل، فرضه بذل
1.صحيح البخاري ، ج۷ ، ص۱۹۰
2.السنن الكبرى ، ج۳ ، ص۳۴۶ . فيه « . . .وما زال يتقرب . . . كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها . . . » .