نفسه إلى خالقه، ونفله إعراضه عما دونه. وإذا كان في الأزل مصطفى بالمعرفة هيّجته أحكامها إلى طلب محبّة اللّه ومشاهدته وقرّبته، فإذا خرج بهذه النعوت قبله الحقّ بنعت حبّه إليه، وذلك الحبّ من الحقّ أزليّ مسرمدٌ تجلّيه مرهون بما بدا من العبد ما كتب له من مقادير العبوديّة. وإذا بلغ من مقام المحبّة يشتاق الحقّ إلى لقائه فيقبض روحه إليه، وموتُه من الدنيا شديدٌ على الحقّ ومن شدّته عليه يكاد أن يمحو مقدار أجله ويزيد في عمره، «يمحو اللّه ما يشاء ويثبت» لكن سبق في قدَر القدر مشيئته وغلب حكمه على أمره. قال تعالى: «واللّه غالب على أمره» .
۴۲.وقال صلى الله عليه و سلم:الجنّة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك ۱ .
إشارة إلى القلب والنفس. القلب الروحانيّ باب الملكوت، وفيه روزنة من عالم الجبروت، انتهى جنان الحقّ ونورها إلى تلك الروزنة. وهكذا نيران الجحيم تلتهب فى طبع النفس الأمّارة .
۴۳.قال صلى الله عليه و سلم:في هذا المعنى في وصف القلب: لو لا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء ۲ .
أي إذا انكشفت عن القلوب الحجب النفسانيّة والشيطانيّة عاينت الغيوب واتّصل صفاؤها بصفة الجنة حتى صارا كشيء واحدٍ. وأشار فى حديث النار والتهابها في الطبع الحيوانىّ قال: «الحمّى من فَيْحِ جهنّم» يعني: انفتح أبواب النّار الظاهر الفتح و اشارع استيفاد الفتح في العالم الجسمانيّ وهي النفس، وانفتح أبواب الجنة [في العالم ]الروحانيّ وهو القلب .
۴۴.وقال صلى الله عليه و سلم:لاتَبعْ ما ليس عندك ۳ .
1.علم اليقين في أصول الدين ، ص۹۴۹ وص۱۰۰۹ ؛ صحيح البخاري ، ج۷ ، ص۱۸۷
2.اختيار مصباح السالكين ، ص۴۵۲ ؛ عوالي اللئالي ، ج۴ ، ص۱۱۳
3.تذكرة الفقهاء ، ج۱ ، ص۴۶۲ ، إيضاح الفوائد ، ج۱ ، ص۴۱۷؛ سنن ابن ماجه ، ج۲ ، ص۷۳۷؛ سنن ابي داود ، ج۲ ، ص۱۴۴؛ سنن الترمذي ، ج۲ ، ص۳۵۱