هذا إشارة التواضع وشرفُ مرتبة يونس؛ لأنّ معراجه كان في بطن الحوت، ومعراج النبي صلى الله عليه و آله فوق العرش، أي: إنّ اللّه تعالى واحد رآه يونس فى بطن الحوت كما رأيته فوق العرش، النبوّة واحدة والرؤية واحدة، وإن كنتُ أقرب منه. وهذا اشارة إلى قدرة اللّه تعالى وظهوره في كلّ شيء وعلى كلّ شيء .
۷۵.وقال صلى الله عليه و سلم :جاء ملك الموت عليه السلام إلى موسى عليه السلام فقال له:أجب ربك. قال: فلطم موسى عين ملك الموت وقد فقأها، قال: فرجع الملك إلى اللّه فقال: إنّك أرسلتني إلى عبد لك لايريد الموت، وقد فقأ عيني. قال: فردّ اللّه إليه عينه. الحديث ۱ .
فيه إشارة إلى فضل الأنبياء على الملائكة. وأمّا فقأ عين الملك : إنّ اللّه تعالى قادر عليه وإن كان روحانيا غير جسمانيّ، وفي الروحانيّ لايكون طمس العين من اليد الجسمانيّ ولَطَمه، لكن لَطمهُ موسى بيده الروحانيّة فأثَّر الروحانيّ في الروحانيّ. وأيضا إنّ ملك الموت أتى إلى موسى بصورة الآدمي وكان في الظاهرفقأ عينه لا في حقيقة صفته، إنّما كانت عينا مركّبة في وجهه على سبيل المثال لا على سبيل الحقيقة.
وفيه إشارة إلى أنّ الملائكة بصورة الآدميّين وطمس أعينهم ممكن، أ لاترى إلا قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ فردّ اللّه عينه. وأمّا لطم موسى عين ملك الموت من حِكَم النبوّة علم أنّ اللّه تعالى متى يقبض روحه فأتى ملك الموت إليه بغير وقته فضربه حِدّةً عليه، و إعلامه بأنّه لم يأت إليه بوقت أجله، أ لاترى إلى رجوعه إلى الحضرة ولبث زمانه في مُضيّه ومجيئه. وفيه إشارة اُخرى، أي لو كنتُ مكان موسى لأجبتُ ملك الموت، واخترت مراد الحقّ على مرادى؛ لأنّ ذلك يقتضي حقيقة التوكّل والرضى، وأنا أشدّ شوقا إلى جمال اللّه من موسى، والمشتاق يحبّ
1.مسند أحمد ، ج۲ ، ص۳۱۵ و ۳۵۱؛ صحيح مسلم ، ج۷ ، ص۱۰۰ مع اختلاف يسير .