المكنون في حقائق الكلم النبوية - صفحه 309

والتلطّف، كما أخبر تعالى عن تأديبه بقوله: «عفا اللّه عنك» وقال: «ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك و ماتأخر» .

۱۰۲.وقال صلى الله عليه و سلم :ليس الغنى عن كثرة العَرَض ، إنّما الغنى غنى القلب ۱ .

أشار عليه السلام بأنّ الغنى ليس من جهة الدنيا ، إنّما الغنى صفة الآخرة التي جبلت قلوب الأولياء بها ، لأنّها صدرت من معدن السخاء الذي خلق اللّه تعالى أرواح الأسخياء منه . كذلك قال ـ عليه الصلاة والسلام: ـ الجنة دار الأسخياء ، لأنَّها معدنهم يرجعون إليها من جهة الأهليّة . والأسخياء الذين يبذلون أنفسهم وأموالهم للّه ؛ لأنّ غناهم باللّه ، وسخاءهم من صفة غنى اللّه التي هى كسوة القِدَم ، باشرت تلك الكسوة بنعت التجلّي قلوب الأسخياء فأوجد غِنى الحقّ القلبَ في قلوبهم ، حتى يستغنوا باللّه من دون اللّه . فصار الغنى عندهم غنى القلب لا غنى المال؛ لأنّ غنى المال عَرَض يَفنى ، وغنى القلب باللّه يبقى إلى الآباد .

۱۰۳.وقال صلى الله عليه و سلم :زر غبّا تزدد حُبّا ۲ .

أثبت ـ عليه الصلاة والسلام ـ زيادة المحبّة وحقّ الأصدقاء في زيارتهم على فترة الأوقات إبقاءً لتحقيق المحبة و زيادةً فى الشوق إلى لقائهم لأنّ في بعض الإعراض عن الصديق إبقاء المودة وزيادة الحرمة وحقيقة الإرادة ، وهذا إذا كان المرء في بداية الاُخوّة . وإذا كان في حقيقة الاُخوّة، لايطيق أن يفارق صديقه لحظة؛ لأنّه في منزل الاتّحاد مع الصديق ، وصار الصديق حياةً له. والنبيّ صلى الله عليه و سلم حكم على أبي هريرة للمبتدئين لا للمتعهّدين لاّنّه كلّ وقت في جناب سيّد المرسلين ـ

1.تحف العقول، ص ۵۷؛ المحجه البيضاء، ج ۶، ص ۵۱ ؛ مسند أحمد ، ج۲ ، ص۲۴۳ و ص۲۶۱ و ص۳۹۰؛ صحيح البخاري ، ج۷ ، ص۱۷۸؛ صحيح مسلم ، ج۳ ، ص۱۰۰ . و ورد فيها: « . . . العرض ولكن إنما الغني غنى النفس» .

2.العين، ج ۴، ص ۳۵۰ ؛الرواشح السماوية، ص ۲۰۱ ؛ مجمع الزوائد و منبع الفوائد ، ج۸ ، ص۱۷۵ و كنزالعمّال ، ج۹ ، ص۳۰ و ص۹۶ و ج۱۰ ، ص۴۹۳

صفحه از 363