واضطر إلى مرافدتهم قعدوا عن نصره ، وتثاقلوا عن صوته ، فمُنع ترافد الأيدي الكثيرة ، وتناهُض الأقدام الجمة .
الشّرْحُ :
الفالج : الظافر الفائز ، فَلَج يَفْلُج ، بالضم ، وفي المثل : « مَنْ يأت الحكَم وحده يَفْلُج » . والياسر : الذي يلعب بالقداح ، واليَسَر مثله ، والجمع أيسار . وفي الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : كالياسر الفالج ، أي كاللاعب بالقِداح المحظوظ منها ، وهو من باب تقديم الصفة على الموصوف.
وقوله : « ليست بتعذير » ، أي لَيست بذات تعذير ، أي تقصير ، فحذف المضاف ، كقوله تعالى : « قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ »۱ أي ذي النَّار .
وقوله : « هم أعظم الناس حَيْطة » كَبَيْعَة ، أي رعاية وكلاءة ، ويروى « حِيطة » كغيبة ، وهي مصدر حاط ، أي تحنّنا وتعطفا .
والخصاصة : الفقر ، يقول : القضاءُ والقَدر ينزل من السماء إلى الأرض كقطْر المطر ، أي مبثوث في جميع أقطار الأرض إلى كلّ نفس بما قُسِم لها من زيادة أو نقصان ، في المال والعمر والجاه والولد وغير ذلك . فإذا رَأَى أحدُكم لأخيه زيادة في رزق أو عمر أو ولد وغير ذلك ؛ فلا يكونَنّ ذلك له فِتْنَةً تُفضِي به إلى الحسد ، فإنّ الإنسان المسلم إذا كان غيرَ مُواقِعٍ لدناءة وقبيح يَسْتحيِي من ذكره بين الناس ، ويخشع إذا قرِّع به ، ويغرَي لئام الناس بهَتْك ستره به ، كاللاعب بالقِداح ؛ المحظوظ منها ، ينتظر أول فَوْزَة وغلبَة من قِدَاحه ، تجْلب له نفعا ،وتدفع عنه ضرّا ؛ كذلك مَنْ وصفْنا حالَه ، يصبِر وينتظر إحدى الحسنيين ؛ إمّا أنْ يدعُوَه اللّه فيقبضَه إليه ، ويستأثِرَ به ، فالذي عند اللّه خير له . وإمّا أنْ يُنْسَأ في أجَله ، فيرزقه اللّهُ أهلاً ومالاً ، فيصبِحَ وقد اجتمع له ذلك مع حَسَبه ، ودينه ، ومروءته المحفوظة عليه .
ثم قال : « المال والبنون حرث الدنيا » ، وهو من قوله سبحانه : « المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحيَاةِ الدُّنْيا » ، ومن قوله تعالى : « مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ في الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ »۲ .