179
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

الشّرْحُ :

وقب الليل ؛ أي دخل ، قال اللّه تعالى : « وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ اِذَا وَقَبَ »۱ .
وغسق ، أي أظلم . وخفق النجم ، أي غاب . ومقدِّمة الجيش ، بكسر الدال : أوله ؛ وما يتقدّم منه على جمهور العسكر ؛ ومقدَّمة الإنسان ، بفتح الدال : صدره . والمِلْطاط : حافّة الوادي وشَفِيرُه ، وساحل البحر .
فأمّا قول الرضيّ رحمه اللّه تعالى : « الملطاط : السّمْت الذي أمرهم بلزومه وهو شاطئ الفرات ، ويقال ذلك لشاطئ البحر » ، فلا معنى له ؛ لأنّه لا فرق بين شاطئ الفرات وشاطئ البحر ، وكلاهما أمر واحد ، وكان الواجب أن يقول : المِلْطاط : السمت في الأرض ، ويقال أيضا لشاطئ البحر .
والشِّرْذمة : نفر قليلون . وموطنين أكناف دجلة ، أي قد جعلوا أكنافها وَطَنا ، أوطنت البُقعة . والأكناف : الجوانب ، واحدها كَنَف . والأمداد : جمع مَدَد ، وهو ما يُمَدُّ به الجيش تقوية له .
وهذه الخطبة خطب بها أميرُ المؤمنين عليه السلام وهو بالنُّخَيلة خارجا من الكوفة ومتوجِّها إلى صفِّين لخمس بقين من شوال سنة سبع وثلاثين ؛ ذكرها جماعة من أصحاب السير ، وزادوا فيها : « وقد أمّرْت على المِصْر عُقْبة بن عمرو الأنصاريّ ، ولم آلكم ولا نفسي ۲ ؛ فإيّاكم والتخَلّف والتربّص ؛ فإني قد خَلّفت مالك بن حبيب اليَربوعيّ ، وأمرْتُه ألاّ يترك متخلّفا إلاّ ألحقه بكم عاجلاً ، إن شاء اللّه » ۳ .
وروى نصر بن مزاحم عوض قوله : « فأُنهِضَهم معكم إلى عَدُوّكم » « فأنْهِضَهُم معكم إلى عدو اللّه » .
قال نصر : فقام إليه مَعْقل بن قيس الرّياحيّ ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ واللّه ما يتخلّف عنك إلاّ ظَنِين ، ولا يتربَّصُ بك إلاّ منافق ، فَمُرْ مالكَ بن حبيب فليضرِبْ أعناقَ المتخلّفين . فقال : قد أمَرْتُهُ بأمري ، وليس بمقصِّر إن شاء اللّه .

1.سورة الفلق ۳ .

2.يقال : ما يألو الشيء ، أي ما يتركه .

3.وقعة صفين : ص ۱۴۸ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
178

بِالزَّلاَزِلِ، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءا إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللّهُ بِشَاغِلٍ ، أوْ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ!

الشّرْحُ :

عُكاظ : اسم سُوق للعرب بناحية مكة ، كانوا يجتمعون بها في كلّ سنة ، يقيمون شهرا ويتبايعون ويتناشدون شعرا ويتفاخرون ؛ وأكثر ما كان يُباع الأديم بها ، فنسب إليها . والأديم واحد والجمع أُدُم ، كما قالوا : أفيق للجلْد الذي لم تَتِمَّ دباغته ، وجمعه أفُقٌ ، وقد يجمع أدِيم على آدِمة ، كما قالوا : رغيف وأرغفة . والزلازل هاهنا : الأُمور المزعجة ، والخطوب المحرّكة .
وقوله عليه السلام : « تُمَدّين مَدّ الأديم » ، استعارة لما ينالها من العَسْف والخبط .
وقوله عليه السلام : « تُعْرَكِين » ، من عَرَكَتِ القومَ الحرب إذا مارستهم حتى أتْعَبتهم .

48

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشامالْحَمْدُ للّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَغَسَقَ ، وَالْحَمْدُ للّهِ كُلَّمَا لاَحَ نَجْمٌ وَخَفَقَ ، وَالْحَمْدُ للّهِ غَيْرَ مَفْقُودِ الاْءِنْعَامِ ، وَلاَ مُكَافَإِ الاْءِفْضَالِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدَّمَتِي ، وَأَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هـذَا الْمِلْطَاطِ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هـذِهِ النُّقْطَةَ إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ ، مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ دَجْلَةَ ، فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ ، وَأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ الْقُوَّةِ لَكُمْ .

قال الرضي رحمه الله :
يعني عليه السلام بالملطاط ها هنا السّمْتَ الذي أمرهم بلزومه ، وهو شاطئ الفرات ، ويقال ذلك أيضا لشاطئ البحر ، وأصله ما استوى من الأرض . ويعني بالنطفة ماء الفرات ، وهو من غريب العبارات وعجيبها .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147284
صفحه از 712
پرینت  ارسال به