فإن قيل : إنه عليه السلام قال : « لم يسعني إلاّ قتالهم أو الجحود بما جاء به محمد صلى الله عليه و آله » ؛ فكيف يكون تارك الواجِب جاحدا لما جاء به النبيّ صلى الله عليه و آله !
قيل : إنه في حكْم الجاحد ؛ لأ نّه مخالف وعاصٍ ؛ لا سيما على مذهبنا في أنّ تارك الواجب يخلُد في النار وإن لم يجحد النبوة .
اختلف الناس في بيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، فالذي عليه أكثر الناس وجمهور أرباب السِّير أنّ طلحة والزبير بايعاه طائعين غير مكرهين ثمّ تغيّرت عزائمهما، وفسدت نيّاتهما، وغدرا به.
54
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفينأَمَّا قَوْلُكُمْ : أَكُلَّ ذلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ ؟ فَوَاللّهِ مَا أُبَالِي ؛ دَخَلْتُ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ . وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : شَكَّا في أَهْلِ الشَّامِ ! فَوَاللّهِ مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْما إِلاَّ وَأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي ، وَتَعْشُوَ إِلَى ضَوْئِي ، فَهُو أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلاَلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا .
الشّرْحُ :
من رواه : « أكُلَّ ذلك » بالنصب فمفعول فعل مقدر ، أي تفعل كلّ ذلك ، وكراهية منصوب ؛ لأ نّه مفعول له . ومن رواه « أكُلُّ ذلك » بالرفع أجاز في « كراهية » الرفع والنصب ، أمّا الرفع فإنه يجعل « كلّ » مبتدأ ، وكراهية خبره ؛ وأمّا النصب فيجعلُها مفعولاً له كما قلنا في الرواية الأُولى ، ويجعل خبر المبتدأ محذوفا ، وتقديره : أكلّ هذا مفعول ! أو تفعله كراهية للموت! ثم أقسم أنه لا يبالي أتعرَّض هو للموت حتى يموتَ، أم جاءه الموت ابتداء من غير أن يتعرّض له.
وعشا إلى النار يَعْشُو : استدلّ عليها ببصر ضعيف .
مَتَى تَأْتِه تَعْشُو إلى ضَوْءِ نَارهِتَجِدْ خيْر نَارٍ عِنْدَها خَيْر مُوقِد۱