بِالْخُطَا .
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللّهِ ، وَمَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللّهِ . فَعَاوِدُوا الْكَرَّ ، وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ ، فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الْأَعْقَابِ ، وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ . وَطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْسا ، وَامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْيا سُجُحا ، وَعَلَيْكُمْ بِهـذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ ، وَالرَّوَاقِ المُطَنَّبِ ، فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فى كِسْرِهِ ، وَقَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَدا ، وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلاً .
فَصَمْدا صَمْدا ! حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ ؛ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ، وَاللّهُ مَعَكُمْ ، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ .
الشّرْحُ :
قوله : « استَشْعروا الخشْية » ، أي اجعلوا الخوْفَ من اللّه تعالى من شعاركم ؛ والشِّعَار من الثياب : ما يكون دون الدِّثار ، وهو يلِي الجلد ؛ وهو ألصق ثياب الجسد ؛ وهذه استعارة حَسَنة ، والمراد بذلك أمرُهم بملازمة الخشية والتقوى ، كما أنّ الجلد يلازم الشِّعار .
قوله : « وتجَلْبَبُوا السكينة » أي اجعلوا السَّكِينة والحلم والوقار جِلْبابا لكم ، والجلباب الثوب المشتمِل على البدن .
قوله : « وعضُّوا على النواجذ » جمع ناجذ ، وهو أقصى الأضراس ، ويقال : إن العاضّ على نواجذه ينبُو السيف عن هامته نبوّاً ما ، وهذا مما يساعد التعليلُ الطبيعي عليه .
وقوله : « فإنّه أنبَى » ، الضمير راجع إلى المصدر الذي دلّ الفعل عليه ، تقديره : فإنّ العَضّ أنبَى ؛ كقولهم : مَنْ فعل خيرا كان له خيرا ، أي كان فعله خيرا ، وأنبَى « أفعل » ، من نبا السيفُ ، إذا لم يقطع .
قال الراونديّ : هذا كلام ليس على حقيقته ، بل هو كناية عن الأمر بتسكين القلْب وترك اضطرابه واستيلاء الرِّعْدة عليه ، إلى أن قال : ذلك أشدّ إبعادا لسيْف العدوّ عن هامتكم .
قوله : « وأكْمِلوا اللأمة » ، واللأمة ، بالهمزة : الدِّرع ، والهمزة ساكنة على « فَعلة » ، مثل النأْمة للصوت ، وإكمالها أن يزاد عليها البَيْضة والسواعد ونحوها ؛ ويجوز أن يعبّر باللّأمة عن جميع أداة الحرب ، كالدِّرع والرمح والسيف ، يريد : أكملوا السلاحَ الذي تحاربون