بشكل قاطع ، حيث أنّ كثيراً من الأخبار في غير النهج تؤكد وقوع التساب والتشاجر ، والتخاصم ، والاغتياب وشهر السلاح والاغتيال بين الصحابة . وقد ذكر ابن أبي الحديد ذلك في شرحه مفصّلاً ۱ .
وأمّا الواقع السياسي ، فإنّ الإمام عليه السلام بحكم إقصائه وابتزاز حقه ودفعه فقد نقم على بعض الصحابة ، وهذا أمر يقتضيه على أي حال ، سواء لحظنا الإمام عليه السلام كبشر ... يغضب ويتألم ويرضى ، إذا تعرّض إلى حيف وظلم كالذي تعرّض له يوم السقيفة وما بعده ، أو يوم الشورى ، أو غيرها وهو صاحب الحق ، أو اقتحامهم بيته ، وجرأتهم على انتهاك حرمة زوجته سيدة النساء .
أم لحظناه كحجة للّه وإمام هدىً يتوقف أداء رسالته على تأكيد مظلوميته ، وأنّه صاحب الحقّ المنصوص عليه من النبي صلى الله عليه و آله وسلم ، والمقصيّ عن مقام الإمامة والخلافة ، فيبيّن ذلك على الملأ حتى تتم له الحجة على الناس ، ويتم إيصال تعاليم الإسلام والنبي صلى الله عليه و آله وسلمووصاياه إليهم .
ثم إنّ هذه الخطبة ـ الشقشقية ـ رويت في مصادر كثيرة قبل الشريف الرضي ، وكلّها تستمد من مصدر واحد وهو ابن عباس ، متّفقة في معناها وإن اختلفت ألفاظها ، فلو كان واضعها الرضي لنقلت عن النهج بوجه واحد في جميع المصادر .
وفي معرض دفاع ابن أبي الحديد عن نسبة هذه الخطبة إلى الإمام عليه السلام ينقل هذه القصة الظريفة ، ثم يذكر بعض المصادر قبل عصر السيد الرضي ، فيقول :
« قال مصدّق ۲ : وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل ، قال : فقلت له : أتقول إنها منحولة ؟!
فقال : لا واللّه ، وإني لأعلم أنّها كلامه ، كما أعلم أنك مصدّق .
قال : فقلت له : إنّ كثيراً من الناس يقولون إنها من كلام الرضيّ رحمه الله .