وصفات الخالق وغيرها .. فهذا كلام لا يصحّ ؛ لأنّ من يطالع النهج لا يجد فيه نظرية كاملة يحتاج في معرفتها إلى درس واستقراء ، حتى يُحتجّ باشتماله على علوم لم تُعرف إلاّ بعد زمن طويل . ثم لو أخذنا بهذا الشكل من التشكيك ، لَلَزم إنكار جذور علم الكلام الذي ظهرت بوادره منذ نزول القرآن الكريم حين يستدلّ على وجود الخالق ، أو نفي الآلهة ، وللزم أن إنكار مواهب الإمام وعلمه الذي هو مِن علم النبي صلى الله عليه و آله وسلموتجاربه وعصمته ، وأنّه عليه السلام هو القرآن الناطق .
ثامناً ـ أمّا اُسلوبه ، وما فيه من صناعة لفظية من سجع ، وطباق ، ومقابلة ، وازدواج ... فإنّها وإن اشتهرت في العصور العباسية ، لكنها ليست مبتدعة في السبك العربي كي يوجب وجودها في النهج الشك في نسبته للإمام عليه السلام . فهذا القرآن الكريم معجزة البلاغة جاء حافلاً بالمحسنات على أسمى مثال ، كسورة الرحمن ، والقمر وغيرهما ، وهذه خطب الرسول صلى الله عليه و آله وسلموالخلفاء وكتبهم ، بعضها مسجوعة ، وقد عقد الدكتور زكي مبارك فصلاً في كتابه (النثر الفني) ۱ لدراسة أساليب صدر الإسلام ، وأورد فيه نصوصاً كثيرة مسجوعة ، يُعرف منها قيمة القول : بأنّ السجع من خصائص العصور المتأخرة من أيام العباسيين .
وأمّا المطابقة والجناس والتقابل وغيرها من أنواع البديع فهو كثير في القرآن ، ومجيؤها في النهج لا يعني بحال أنّه منحول البتة . وقد جاءت أساليب الإمام منمّقة لا تكلّف فيها ولا عقد ولا التواء .
وما يقال عن الأُسلوب ، يقال عن دقة الوصف ، كما في وصفه للطاوس ، والخفاش ، والجراد وغيرها . ولا يُستبعد صدوره ممن تتلمذ للقرآن الكريم ، الذي فيه من دقائق الوصف للحيوانات وغيرها ، كما في الآيات التي ورد فيها ذكر النحل ، والنمل ، والبعوضة ، والغراب .
كما أنّ من تتلمذ للقرآن الكريم ، الذي فيه من آيات التوحيد الباهرات ، وصفات الخالق العظيم ، لا يُستكثر عليه أن يأتي بأمثال هذه الأفكار الدقيقة في التوحيد ، والعدل ، والرؤية ، كقوله عليه السلام : « من حدّه فقد عدّه » .
والصحيح أن يقال : إنّ اُسلوب الإمام عليه السلام بزّ اُسلوب البلغاء جميعاً ، ولهذا كان كلامه فوق