مخرجه من العدم المحض ، كقوله تعالى : « بَدِيعُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ »۱ . ودائبان : تثنية دائب ؛ وهو الجادّ المجتهد المتعب ، دأب في عمله أي جدّ وتعب دأبا ودؤباً فهو دئيب ، ودأبته أنا . وسمّى الشمس والقمر دائبين لتعاقبهما على حال واحدة دائما لا يفتران ولا يسكنان ، وروي « دائبين » بالنصب على الحال ويكون خبر المبتدأ « يبليان » وهذه من الألفاظ القرآنية ۲ .
الأصْلُ :
۰.قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ ، وَأَحْصَى آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ ، وَعَدَدَ أَنْفُسِهمْ ، وَخَائِنَةَ أَعْيُنِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ ، وَمُسْتَقَرَّهُمْ وَمُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الْأَرْحَامِ وَالظُّهُورِ ، إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ الْغَايَاتُ .
الشّرْحُ :
آثارهم ، يمكن أن يُعْنَى به آثار وطئهم في الأرض إيذانا بأنه تعالى عالم بكلّ معلوم كما آذن قوله سبحانه : « وَمَا تَسْقط مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُهَا »۳ بذلك . ويمكن أن يعنى به حركاتهم وتصرّفاتهم . وروي : « وعدد أنفاسهم » على الإضافة . وخائنة الأعين : ما يومى به مسارقة وخفية . ومستقرّهم ، أي في الأرحام . ومستودعهم ، أي في الأصلاب ، وقد فسر ذلك فتكون « من » متعلّقة بمستودعهم ومستقرهم على إرادة تكرّرها ، ويمكن أن يقال : أراد مستقرّهم ومأواهم على ظهر الأرض ومستودعهم في بطنها بعد الموت ، وتكون « من » هاهنا بمعنى « مذ » أي مذ زمان كونهم في الأرحام والظهور إلى أن تتناهى بهم الغايات ، أي إلى أن يحشروا في القيامة . وعلى التأويل الأول يكون تناهى الغايات بهم عبارة عن كونهم أحياء في الدنيا .