يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً ، فَاقْتَصِرْ عَلَى ذلِكَ ، وَلاَ تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ .
الشّرْحُ :
تقول : ائتمّ فلان بفلان ؛ أي جعله إماما واقتدى به . فكِلْ علمه ؛ من وكلَه إلى كذا وكَلاً ووُكولاً ؛ وهذا الأمر موكول إلى رأيك . والاقتحام : الهُجُوم والدخول مغالبة . والسُّدد المضروبة : جمع سُدّة ؛ وهي الرِّتاج .
ثم نعود إلى تفسير كلام المؤمنين عليه السلام فنقول :
إنه غضِب وتغيّر وجهه لقول السائل : صِفْ لنا ربَّنا مثل ما نراه عياناً . ثم قال للسائل بعد غضبه واستحالة لونه وظهور أثر الإنكار عليه : ما دلَّك القرآنُ عليه من صفته فخُذْ به ، فإن لم تجده في الكتاب فاطلبه من السنّة ومن مذاهب أئمة الحق ، فإن لم تجد ذلك ، فاعلم أنّ الشيطان حينئذٍ قد كلّفك علمَ ما لم يكلفك اللّه علمه . ثم قال : إن الراسخين في العلم الذين غنوا بالإقرار بما عرفوه من الولوج والتقحّم فيما لم يعرفوه ، ألا ترى أنّهم يعللون أفعال اللّه تعالى بالحِكم والمصالح ، فإذا ضاق عليهم الأمر في تفصيل بعض المصالح في بعض المواضع ، قالوا : نعلم على الجملة أنّ لهذا وجْهَ حكمة ومصلحة ، وإن كنا لا نعرف تفصيل تلك المصلحة .
ثم إنه عليه السلام قد صَرّح في غُضونِ الكلام بذلك ؛ فقال : فانظر أيّها السائل ، فما دَلّك القرآن عليه من صفته فائتمّ به ، وما لم يدلك عليه فليس عليك أن تخوض فيه ، وهذا الكلام تصريحٌ بأنّ البحث إنما هو في النظر العقليّ في فَنّ الكلام ، فلا يجوز أن يحمل على ما هو بمعزل عنه .
الأصْلُ :
۰.هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الأَوْهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ . وَحَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ ، وَتَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ، لِتَجْرِيَ فِي كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ ، وَغَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ فِي حَيْثُ لاَ تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ