وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً » 1 .
ثم ذكر الحكم في جَرَيان الشمس والقمر في مجراهما تذكرةً مأخوذ من قوله تعالى : « وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا » 2 وقوله : « وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ » ، وقوله : « وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ » 3 . ثم قال : « ثم علّق في جَوّها فَلَكها » ، وهذا يقتضي أنّ الفلك غير السماء ، وهو خلاف قول الجمهور ، وقد قال به قائلون ، ويمكن أن نفسر ذلك إذا أردنا موافقة قول الجمهور بأنّه أراد بالفلَك دائرة معدّل النهار ، فإنّها الدائرة العظمى في الفَلَك الأعظم ،وهي في الاصطلاح النظريّ تسمى فَلَكا .
ثم ذكر أ نّه زيّن السماء الدنيا بالكواكب ، وأنّها رجوم لمسترِقِي السمع ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : « إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لاَ يَسَّمَّعُونَ إلَى المَلإِ الأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ » 4 . ثم شرح حال الدنيا فقال : « من ثبات ثابتها » ، يعنى الكواكب التي في كُرة البروج و « مسير سائرها » ، يعني الخمسة والنيّرين لأنّها سائرة دائما .
ثم قال : « وصعودها وهبوطها » ، وذلك أنّ للكواكب السيارة صعودا في الأوج ، وهبوطا في الحضيض ، فالأوّل هو البعد الأبعد عن المركز ، والثاني البعد الأقرب .
فإن قلت : ما باله عليه السلام قال : « ونحوسها وسعودها » ، وهو القائل لمن أشار عليه ألاّ يحارب في يوم مخصوص : « المنجّم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار » 5 ؟
قلت : إنه عليه السلام إنما أنكر في ذلك القول عَلَى مَنْ يزعم أن النجوم مؤثّرة في الأُمور الجزئيّة ، كالذين يحكمون لأرباب المواليد وعليهم ، وكمن يحكم في حَرْب أو سلم ، أو سفر أو مقام ، بأنه للسعد أو النحس ، وأنه لم ينكر على من قال : إنّ النجوم تؤثّر سعودا ونحوسا في الأُمور الكلية ، نحو أن تقتضي حَرّا أو بردا ، أو تدلّ على مرض عامّ أو قحط عام ، أو مطر دائم ،