315
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

أَسْبَابَهَا ، وَجَعَلَهُ خَالِجاً لِأَشْطَانِهَا ، وَقَاطِعاً لمَرائِرِ أَقْرَانِهَا .

الشّرْحُ :

الضِّيق والضّيْق : لغتان ، فأمّا المصدر من « ضاق » فالضِّيق بالكسر ، لا غير . وعَدّل فيها : من التعديل وهو التقويم ، وروي : « فعدَل » ، بالتخفيف ، من العدل نقيض الظلم . والميسور والمعسور : مصدران .
ومعنى قوله عليه السلام : « ليبتليَ مَنْ أراد بميسورها ومعسورها » ، هو معنى قول النبي صلى الله عليه و آله وسلم : « إنّ إعطاء هذا المال فتنة ، وإمساكه فتنة » .
والعقابيل في الأصل : الحَلأ ، وهو قروح صغار تخرج بالشّفة من بقايا المرض . والفاقة : الفقر . وطوارق الآفات : متجدّدات المصائب ، وأصلُ الطّروق ما يأتي ليلاً . والأتراح : الغموم ، الواحد تَرَح ، وترّحه تتريحاً ، أي حزَنه . وخالجاً : جاذباً ، والخلج الجذْب ، خلجه يخلِجه بالكسر ، واختلجه ، ومنه الخليج : الحبْل ؛ لأ نّه يُجتذب به ، وسمّي خليج البحر خليجاً ؛ لأ نّه يجذَب من معظم البحر . والأشطان : الحبال ، واحدها شَطَن ، وشطنت الفرس أشطُنه ، إذا شددته بالشَّطَن . والقرائن : الحبال ، جمع قَرَن ؛ وهو من شواذّ الجموع . ومرائر القرائن : جمع مَرِير ، وهو ما لطُف وطال منها واشتدّ فتله ، وهذا الكلام من باب الاستعارة .

الأصْلُ :

۰.عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ ، وَنَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ ، وَخَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ ، وَعُقَدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ ، وَمَسَارِقِ إِيمَاض الْجُفُونِ وَمَا ضَمِنَتْهُ أَكْنَانُ الْقُلُوبِ وَغَيَابَاتُ الْغُيُوبِ ، وَمَاأَصْغَتْ لاِسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الْأَسْمَاعِ ، وَمَصَائِفِ الذَّرِّ ، وَمَشَاتِي الْهَوَامِّ ، وَرَجْعِ الْحَنِينِ مِنَ الْمُولَهَاتِ ، وَهَمْس الْأَقْدَامِ ، وَمُنْفَسَحِ الَّثمَرَةِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ الْأَكْمَامِ ، وَمُنْقَمَعِ الْوُحُوش مِنْ غِيرَانِ الْجِبَالِ وَأَوْدِيَتِهَا وَمُخْتَبَاَالْبَعُوض بَيْنَ سُوقِ الْأَشْجَارِ وَأَلْحِيَتِهَا ، وَمَغْرِزِ الْأَوْرَاقِ مِنَ الْأَفْنَانِ ، وَمَحَطِّ الْأَمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الْأَصْلاَبِ ، وَنَاشِئَةِ الْغُيُومِ وَمُتَلاَحِمِهَا ، وَدُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِي مُتَرَاكِمِهَا ، وَمَا


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
314

يكون عذرا وعلّة للفعل ، ولا يجوز أن يكون إقدام آدم على الشجرة لأجل الموافاة للعلم الإلهيّ السابق ؛ ولا يستمرّ ذلك على مذاهبنا ، بل يجب أن ينصب « موافاةً » على المصدرية المحْضَة ؛ كأنه قال : فوافى بالمعصية موافاة ، وطابق بها « سابق العلم » مطابقة .
قوله : « فأهبطه بعد التوبة » ، قد اختلف الناس في ذلك ، فقال قوم : بل أهبطه قبل التوبة ، ثم تاب عليه وهو في الأرض . وقال قوم : تاب قبل الهبوط ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام ، ويدلُّ عليه قوله تعالى : « فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعا »۱ ، فأخبر عن أنه أهبطهم بعد تلقِّي الكلمات والتوبة .
قوله عليه السلام : « وَليُقِيمَ الحجّة على عباده » ، أي إذا كان أبوهم أُخرج من الجنة بخطيئة واحدة فأخْلِقْ بها ألاّ يدخلها ذو خطايا جَمّة . ثم أخبر عليه السلام أنّ الباري سبحانه ما أخْلى عباده بعد قبض آدم وتوفّيه مما يؤكد عليهم حجج الربوبية ، بل أرسل إليهم الرسل قَرْناً فقَرناً ، بفتح القاف ؛ وهو أهل الزمان الواحد . وتعاهدَهُم بالحجج ، أي جَدّد العهد عندهم بها ؛ ويروى « بل تَعَهَّدَهم » بالتشديد ، والتعهّد : التحفّظ بالشيء ؛ تعهّدْتُ فلاناً وتعهّدت ضيْعتي ؛ وهو أفصح من « تعاهدت » ؛ لأنّ التفاعل إنما يكون من شيئين ، وتقول : فلان يتعهده صَرْعٌ .
قوله : « وبَلَغ المقطعَ عُذُرُه ونُذُرُهُ » ، مقطع الشيء حيث ينقطع ، ولا يبقى خلفه شيء منه ، أي لم يزل يبعث الأنبياء واحداً بعد واحد ؛ حتى بعث محمدا صلى الله عليه و آله وسلم ، فتمَّتْ به حجته على الخلق أجمعين . وبلغ الأمرُ مقطعه ، أي لم يبق بعده رسول ينتظر ؛ وانتهت عُذُر اللّه تعالى ونُذُره ، فُعُذره مَا بيَّن للمكلَّفين من الإعذار في عقوبته لهم إنْ عَصَوْه ، ونُذُره ما أنذرهم به من الحوادث ، ومَنْ أنذَرَهُمْ على لسانه من الرسل .

الأصْلُ :

۰.وَقَدَّرَ الْأرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وَقَلَّلَهَا ، وَقَسَّمَهَا عَلَى الضِّيقِ والسَّعَةِ فَعَدَلَ فِيهَا لِيَبْتَلِيَ مَنْ أَرَادَ بِمَيْسُورِهَا وَمَعْسُورِهَا ، وَلِيَخْتَبِرَ بِذلِكَ الشُّكْرَ وَالصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وَفَقِيرِهَا . ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا ، وَبِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا ، وَبِفُرَجِ أَفْرَاحِهَا غُصَصَ أَتْرَاحِهَا . وَخَلَقَ الآجَالَ فَأَطَالَهَا وَقَصَّرَهَا ، وَقَدَّمَهَا وَأَخَّرَهَا ، وَوَصَلَ بِالْمَوْتِ

1.سورة البقرة ۳۷ ، ۳۸ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 183795
صفحه از 712
پرینت  ارسال به