339
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

موضع السجود فتبتل الجبهة بملاقاته . ومادُوا : تحرّكوا واضطربوا ، إمّا خوفاً من العقاب كما يتحرّك الرجل ويضطرب ، أو رجاء للثواب كما يتحرَّك النشوان من الطرب ، وكما يتحرك الجذِل المسرورُ من الفَرَح .

97

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلاموَاللّهِ لاَ يَزَالُونَ حَتَّى لاَ يَدَعُوا لِلّهِ مُحَرَّماً إِلاَّ اسْتَحَلُّوهُ ، وَلاَ عَقْداً إِلاَّ حَلُّوهُ ، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ دَخَلَهُ ظُلْمُهُمْ ، وَنَبَا بِهِ سُوءُ رِعَتِهِمْ ، وَحَتَّى يَقُومَ الْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ : بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِهِ ، وَبَاكٍ يَبْكِي لِدُنْيَاهُ ، وَحَتَّى تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكمْ مِنْ أَحَدِهِمْ كنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ ، إِذَا شَهِدَ أَطَاعَهُ ، وَإِذَا غَابَ اغْتَابَهُ ، وَحَتَّى يَكُونَ أَعْظَمُكُمْ فِيهَا . عَنَاءً أَحْسَنُكُمْ باِللّه ظَنّاً ، فَإِنْ أَتَاكُمُ اللّهُ بِعَافِيَةٍ فَاقْبَلُوا ، وَإِنِ ابْتُلِيتُمْ فَاصْبِرُوا ، فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .

الشّرْحُ :

تقدير الكلام : لا يزالون ظالمين ، فحذف الخبر وهو مراد ، وسدّت « حتى » وما بعدها مسدّ الخبر . والمحرّم : ما لا يحلّ انتهاكه ، وكذلك المحرَمة بفتح الراء وضمها . وبيوت المدر : هي البيوت المبنية في القرى ، وبيوت الوبر : ما يتّخذ في البادية من وبر الإبل والوبر لها كالصوف للضأن ، وكالشعر للمعِز . ونبا به منزله : إذا ضرّه ولم يوافقه ، وكذلك نبا به فِراشُه ، فالفعل لازم ، فإذا أردت تعديتَه بالهمزة قلتَ : قد أنبى فلان على منزلي ، أي جعله نابيا ، وإنْ عدّيته بحرف الجر قلت : قد نبا بمنزلي فلان ، أي أنباه عليّ ، وهو في هذا الموضع معدّىً بحرف الجرّ . وسوء رعتهم ، أي سوء ورعهم ، أي تقواهم . والورِع بكسر الراء : الرجل التقيّ ، ورع


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
338

من ذلك . وقوله : « انفراج المرأة عن قُبُلها » أي وقت الولادة .
قوله : « ألقطه لَقْطاً » يريد أنّ الضلال غالب على الهدى ؛ فأنا التقط طريق الهدى من بين طريق الضلال لقطاً من هاهنا وهاهنا كما يسلك الإنسان طريقا دقيقة ، قد اكتَنَفها الشوْك والعوْسَج من جانبيها كليْهما ، فهو يلتقط النَّهْج التقاطاً .

الأصْلُ :

۰.انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ ، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدىً ، وَلَنْ يُعِيدُكُمْ فِي رَدىً ، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا ، وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا . وَلاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا ، وَلاَ تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا .
لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ ! لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعثاً غُبْراً ، وَقَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَقِيَاماً ، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِم وَخُدُودِهِمْ ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ ! إِذَا ذُكِرَ اللّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ ، وَمَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ!

الشّرْحُ :

السمت : الطريق ، ولَبَد الشيء بالأرض ، يلبُد بالضم لُبوداً : التصق بها . ويصبحون شُعثاً غبْراً من قَشَف العبادة وقيام الليل وصوم النهار وهجر الملاذّ ، فيراوحون بين جِباههم وخدودهم ، تارة يسجدون على الجباه ، وتارة يضعون خدودهم على الأرض بعد الصلاة ، تذلّلاً وخضوعا . والمراوحة بين العمل : أن يعمَل هذا مَرّة وهذا مرة ، ويراوح بين رجليه ، إذا قام على هذه تارة وعلى هذه أُخرى . ويقال : معزى لهذا الجِنْس من الغنم ومَعِز ومعيز وأُمعوز ومَعْز ، بالتسكين ، وواحد المعْز ماعز ، كصَحْب وصاحب ، والأنثى ما عزة والجمع مواعز . وهملت أعينُهم : سالَت ، تهمُل وتهمِل . ويروى « حتى تُبَلّ جباههم » ، أي يبلّ

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147370
صفحه از 712
پرینت  ارسال به