والصحابة أنّه شيعي غالٍ ، هذا الإطلاق إنما هو وفق المصطلح السُّنّي للتشيع لا المصطلح الإمامي ، حيث يعد أهل السنة كلّ من يفضل علياً على عثمان شيعياً ، وكلّ من يفضل علياً على أبي بكر شيعياً غالياً . قال ابن المرتضى :
روي أنّ أبا الهذيل العلاّف لما مات (235 ه) ، صلّى عليه أحمد بن أبي دؤاد القاضي ؛ فكبّر عليه خمساً ، ثمّ لمّا مات هشام بن عمرو ؛ كبّر عليه أربعاً ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن أبا الهذيل كان يتشيّع لبني هاشم ، فصلّيتُ عليه بصلاتهم . وأبو الهذيل كان يفضّل علياً على عثمان ، وكان الشيعي في ذلك الزمان من يفضل علياً عليه السلام على عثمان ۱ .
3 ـ رأي ابن أبي الحديد في الإمامة مبيّناً مذهب المعتزلة فيها :
قال ابن أبي الحديد ما خلاصته : اتفق شيوخنا كافة رحمهم الله ؛ المتقدمون منهم والمتأخرون والبصريون والبغداديون ، على أن بيعة أبي بكر بيعة صحيحة شرعية ، وأنّها لم تكن عن نصّ ، وإنما كانت بالاختيار الذي ثبت بالإجماع ، وبغير الإجماع كونه طريقاً إلى الإمامة واختلفوا في التفضيل ، فقال قدماء البصريين : إن أبابكر أفضل من علي عليه السلام وهؤلاء يجعلون ترتيب الأربعة في الفضل كترتيبهم في الخلافة .
وقال البغداديون قاطبة قدماؤهم ومتأخروهم : إن علياً عليه السلام أفضل من أبي بكر . وأمّا نحن (أي ابن أبي الحديد نفسه) فنذهب إلى ما يذهب إليه شيوخنا من تفضيله عليه السلام ، وقد ذكرنا في كتبنا الكلامية ما معنى الأفضل ، وهل المراد الأكثر ثواباً ، أو الأجمع لمزايا الفضل والخلال الحميدة ؟ وبيّنا أنه عليه السلام أفضل على التفسيرين معاً ۲ .
وكرر نحو هذا في الجزء العاشر ، ص101 ، وقال في موضع آخر من الجزء الثالث ، ص98 معلقاً على رواية ابن ديزيل بسنده إلى زيد بن أرقم قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : « ألا أدلَّكم على ما إن تسالمتم عليه لم تهلكوا ؟ إنَّ وليَّكم اللّه وإنَّ إمامكم علي بن أبي طالب ، فناصحوه ، وصدِّقوه ، فإنَّ جبريل أخبرني بذلك » .
قال : فإن قلتَ هذا نصٌّ صريحٌ في الإمامية ، فما الذي تصنع المعتزلة بذلك .