407
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

الفاعل . وروي « مَنَع الغمام » ، أي ومَنَع الغمام القطر ، فحذف المفعول . والسوام : المال الراعي .
فإن قلت : ما الفرق بين « تؤاخذنا » وبين « تأخذنا »؟
قلت : المؤاخذة دون الأخذ ؛ لأنّ الأخذ الاستئصال ، والمؤاخذة عقوبة وإن قلَّت .
والسحاب المنبعِق : المتبعج بالمطر ، ومثله المتبعّق ، ومثله البُعاق . والربيع المغدق : الكثير . والنبات المونق : المعجب . وانتصب « سحّاً » على المصدر . والوابل : المطر الشديد .
ثم قال : ( تُحْيِي به ما قد مات » ، أي يكاد يتلف بها من الزرع . وتردّ به ما قد فات ، أي يستدرك به الناس ما فاتهم من الزرع والحرث . والسقيا مؤنثة ، وهي الاسم من سَقَى . والمريعة : الخصيبة . و « ثامرا فرعُها » : ذو ثمر ، كما قالوا : لابن وتامر ؛ ذو لبن وتمر . وتنعش : ترفع . والنِّجاد : جمع نَجْد ، وهو ما ارتفع من الأرض . والوهاد : جمع وَهْد ، وهو المطمئنّ منها ، وروي : « نجادَنا » بالنصب على أَنه مفعول .
قوله : « وتندى بها أقاصينا » ، أي الأباعد مِنّا . ويندى بها : ينتفع ، ندِيت بكذا ، أي انتفعت . والضواحي : النواحي القريبة من المدينة العظمى . والمرمِلة : الفقيرة ، أرمل افتقر ونفد زاده . ووحشك المهملة : التي لا راعي لها ولا صاحب ولا مشفق . وسماء مخضِلَة : تُخضِل النبت أي تبلّه ، وروي « مخضَلَّة » أي ذات نبات وزروع مخضَلَّة ، يقال : اخضلّ النبت اخضلالاً ، أي ابتلّ ، وإنما أنّث السماء وهو المطر وهو مذكر ؛ لأ نّه أراد الإمطار . والودْق : المطر . ويحفِز : يدفع بشدّة ؛ وإذا دفع القطر القطر ، كان أعظم وأغزر له . وبرق خُلّب : لا مطر معه . وسحاب جَهام : لا ماء فيه . والمجدِبون : أهل الجدْب . والمسنِتُون : الذين أصابتهم السنَة وهي المحْل والقحط الشديد .

115

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلامأَرْسَلَهُ دَاعِياً إِلَى الْحَقِّ وَشَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ ، فَبَلَّغَ رِسَالاَتِ رَبِّهِ غَيْرَ وَانٍ وَلاَ


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
406

وَقَوْلُهُ : «وَلاَ شَفّانٍ ذِهَابهَا» فَإنّ تَقْديرَهُ : وَلاَ ذَاتَ شَفّانٍ ذِهَابهَا . وَالشّفّانُ : الرّيحُ البَارِدَةُ ، وَالذِّهَابُ : الأمْطَارُ اللّيّنَةُ . فَحَذَفَ (ذَاتَ) لِعِلْمِ السّامِعِ بِهِ .

الشّرْحُ :

يجوز أن يريد بقوله : « وهامت دوابُّنَا » معنىً غير ما فسره الشريف الرضيّ رحمه الله به ، وهو نُدودها وذهابُها على وجوهها لشدة المحْل، يقول : هام على وجهه ، يهيم هَيْما وهَيَمانا. والمرابض: مبارك الغنم، وهي لها كالمواطن للإبل، واحدها مَرْبِض، بكسر الباء مثل مجلِس. وعَجّت : صرخت . ويحتمل الضمير في « أولادها » أن يرجع إلى الثكالى ، أي كعجيج الثكالى على أولادهنّ ، ويحتمل أن يرجع إلى الدوابّ ، أي وعَجّت على أولادها كعجيج الثكالى ، وإنّما وصفها بالتَّحيُّر في مَرَابضها ؛ لأنّها لشدّة المحْل تتحيّر في مباركها ، ولا تدري ماذا تصنع ، إن نهضت لترعَى لم تجد رعياً ، وإن أقامت كانت إلى انقطاع المادّة أقرب!
قوله : « وملّت التردد في مراتعها ، والحنين إلى مواردها » ، وذلك لأنَّها أكثرتْ من التردّد في الأماكن التي كانت تعهد مراتعها فيها فلم تجد مرتعاً ، فملَّت التَّرداد إليها ، وكذلك ملَّت الحنين إلى الغدران والموارد التي كانت تعتادها للشرب ، فإنَّها حنّت إليها لما فقدتها ، حتى ضجرت ويئست فملّت مما لا فائدة لها فيه . والآنّة والحانّة : الشاة والناقة ، ويقال : ما له حانّة ولا آنّة . وأصل الأنين صوت المريض وشكواه من الوَصَب . والموالج : المداخل ؛ وإنما ابتدأ عليه السلام بذكر الأنعام وما أصابها من الجدْب اقتفاء بسنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ولعادة العرب ، وتقدير دعائه عليه السلام : اللّهم إن كنتَ حرمتنا الغيث لسوء أعمالنا ، فارحم هذه الحيوانات التي لاَ ذنْب لها ولا تؤاخذها بذنوبنا . فاعتكرت : رَدِف بعضُها بعضاً ، وأصل عَكَر عطف . والعكْرة : الكرّة .
قوله : « وأخْلقتنا مخايل الجَوْد » ، أي كلَّما شِمْنا برقا ، واختلنا سحاباً ، أخلَفَنا ولم يمطر . والجَوْد : المطر الغزير . ويروى : « مخايل الجُود » بالضم . والمبتئس : ذو البؤس . والبلاغ للملتمس ، أي الكفاية للطالب . وتقول : قَنط فلان ، بالفتح ، يقنُط ويقنِط ، بالكسر والضم ، فهو قانط . وفيه لغة أُخرى قَنِط بالكسر ، يقنَط قنَطاً ، مثل تعِب يتعَب تعبا ، وقناطةً أيضاً ، فهو قنِط . وقرئ : « فَلا تَكُنْ مِن الْقَـنِطِينَ »۱ . وإنما قال : « ومُنِع الغمام » ، فبنى الفعلَ للمفعول به ؛ لأ نّه كره أن يضيف المنع إلى اللّه تعالى ، وهو منبَع النعم ، فاقتضى حسنُ الأدب أ نّه لم يسمّ

1.سورة الحجر ۵۵ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182670
صفحه از 712
پرینت  ارسال به