433
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

بالمال ، ولو احتاج إليهم يوماً عند عثرة يعثرها لم يجدهم .

127

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلامفإِنْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ أَنْ تَزْعُمُوا أنّي أَخْطَأتُ وَضَلَلْتُ ، فَلِمَ تُضَلِّلُونُ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍصَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، بِضَلاَلِي ، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي ، وَتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوبي ؟! سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبُرْءِ وَالسُّقْمِ ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أذنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ .وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ رَجَمَ الزَّانِيَ الْمُـحْصَنَ ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ ، ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ؛ وَقَتَلَ الْقَاتِلَ وَوَرَّثَ مِيرَاثَهُ أَهْلَهُ . وَقَطَعَ السَّارِقَ وَجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ المُحْصَنِ ، ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ ، وَنَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ؛ فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذُنُوبِهمْ ، وَأَقَامَ حَقَّ اللّهِ فِيهمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُـمْ مِنَ الاْءِسْلاَمِ ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ.
ثُمَّ أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاس ، وَمَنْ رَمَى بِهِ الشَّيْطَانُ مَرَامِيَهُ ، وَضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ ! وَسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ : مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ ، وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ . وَخَيْرُ النَّاس فِيَّ حَالاً النَّمَطُ الْأَوْسَطُ فَالْزَمُوهُ ، وَالْزَمُوا السَّوَادَ الأَعْظَم فَإِنَّ يَدَ اللّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ . وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ ! فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاس لِلشَّيْطَانِ ، كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ . أَلاَ مَنْ دَعَا إِلَى هذَا الشِّعَارِ فَاقْتُلُوهُ ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هذِهِ ، فَإِنَّمَا حُكِّمَ الْحَكَمَانِ لِيُحْيِيَا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ ، وَيُمِيتَا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ ، وَإِحْيَاؤهُ الاِجْتِمَاعُ عَلَيْهِ ، وَإِمَاتَتُهُ الاِفْتِرَاقُ عَنْهُ . فَإِنْ جَرَّنَا الْقُرْآنُ إِلَيْهِم


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
432

سَمِيرٌ ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً ! لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللّهِ!

۰.ثم قال عليه السلام :أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الآخِرَةِ ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاس وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللّهِ . وَلَمْ يَضَعِ امْرُؤ مَالَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ إِلاَّ حَرَمَهُ اللّهُ شُكْرَهُمْ وَكَانَ لِغَيْرِهِ وُدُّهُمْ . فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ يَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيلٍ وَأَلْأَمُ خَدِينٍ .

الشّرْحُ :

أصل « تأمرونّي » : تأمرونني ، بنونين ، فأسكن الأُولى وأدغم ، قال تعالى : « أَفَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ »۱ .
ولا أطور به : لا أقرّ به ، ولا تَطُرْ حَوْلَنا ، أي لا تقرب ما حولنا ، وأصله من طَوار الدار ، وهو ما كان ممتدا معها من الفناء . وقوله : « ما سمر سمِير » يعني الدهر ، أي ما أقام الدهر وما بقي ، والأشهر في المثل : « ما سمر ابنا سمير » ، قالوا : السمير الدهر ، وابناه الليل والنهار ؛ وقيل : ابنا سمير الليل والنهار ، لأ نّه يُسمَر فيهما ، ويقولون : لا أفعله السَّمَر والقمر ، أي ما دام الناس يسمرون في ليلة قمْراء ، ولا أفعله سميرَ الليالي ، أي أبداً . قوله : « وما أمّ نجم في السماء نجماً » ، أي قصد وتقدّم ؛ لأنّ النجوم تتبع بعضها بعضاً ، فلا بدّ فيها من تقدّم وتأخر ، فلا يزال النجم يقصد نجماً غيره ، ولا يزال النجم يتقدّم نجماً غيره . والخدين : الصديق ، يقول عليه السلام : كيف تأمرونني أنْ أطلب النصر من اللّه بأن أجور على قوم ولّيت عليهم ! يعني الذين لا سوابق لهم ولا شرف ، وكان عُمَر ينقصهم في العطاء عن غيرهم .
ثم قال عليه السلام : لو كان المال لي وأنا أُفرّقه بينهم لسوّيت ، فكيف وإنما هو مال اللّه وفيئه ؟! ثم ذكر أنّ إعطاء المال في غير حقّه تبذير وإسراف ، وقد نهى اللّه عنه وأنه يرفع صاحبه عند الناس ، ويضعه عند اللّه ، وأنه لم يسلك أحد هذه المسلك إلاّ حرمه اللّه ودّ الذين يتحبّب إليهم

1.سورة الزمر ۶۴ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147330
صفحه از 712
پرینت  ارسال به