457
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

137

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في شأن طلحة والزبيروَاللّهِ مَا أَنكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً ، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نِصْفاً وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ ، فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ ، فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانُوا وُلّوهُ دُونِي فَمَا الطَّلِبَةُ إِلاَّ قِبَلَهُمْ . وَإِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ . وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ .
وَإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فِيهَا الْحَمأُ وَالْحُمَّةُ ، وَالشُّبْهَةُ الْمُغْدَفَةُ؛ وَإِنَّ الْأَمْرَ لَوَاضِحٌ؛ وَقَدْ زَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغَبِهِ . وَايْمُ اللّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أنا مَاتِحُهُ ، لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍّ ، وَلاَ يَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِي حَسْيٍ!

الشّرْحُ :

النِّصْفُ : الإنصاف . وهو على حذف المضاف ، أي ذا نِصْفٍ ، أي حكَماً منصفاً عادلاً يحكم بيني وبينهم . والطَّلِبة : بكسر اللام : ما طلبتَه من شيء . ولبَست على فلان الأمر ، ولُبِس عليه الأمر ، كلاهما بالتخفيف . والحمَأ : الطين الأسود ، قال سبحانه : « مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمإٍ مَسْنُونٍ »۱ .
وحُمَة العقرب : سمّها ، أي في هذه الفئة الباغية الضلالُ والفساد والضرر ؛ وإذا أرادت العربُ أن تعبّر عن الضلال والفساد قالت : الحَمْ ء ، مثله الحمْأة بالتاء ؛ ومن أمثالهم : « ثَأطَةٌ مدّت بماء » ۲ ؛ يُضْرب للرجل يشتدّ مُوقه وجهله ؛ والثَّأْطة : الحمْأة ، وإذا أصابها الماء ازدادت فساداً ورطوبة . ويروَى فيها : « الحما » بألف مقصورة وهو كناية عن الزُّبير ؛ لأنّ كل

1.سورة الحجر ۲۶ .

2.مجمع الأمثال للميداني ۱ : ۱۵۳ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
456

136

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلاملَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً ، وَلَيْسَ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ وَاحِداً . إِنِّي أُرِيدُكُمْ للّه وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ .
أَيُّهَا النَّاسُ ، أَعِينُوني عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَايْمُ اللّهِ لَأُنْصِفَنَّ الْمَظلومَ ، وَلَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ ، حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ كَارِهاً .

الشّرْحُ :

الفَلْتة : الأمر يقع عن غير تدبّر ولا رويّة ؛ وفي الكلام تعريض ببيعة أبي بكر ، وقد تقدّم لنا في معنى قول عمر : « كانت بيعة أبي بكر فَلْتة وقى اللّه شرّها » كلام . والخِزامة : حلْقة من شعر تُجعَلُ في أنف البعير ، ويُجعل الزمام فيها . وأعينُوني على أنفسكم : خذوها بالعدل ، واقَنعوها عن اتّباع الهوى ، وارْدَعُوها بعقولكم عن المسالك التي تُرْدِيها وتوبقُها ، فإنّكُم إذا فعلتم ذلك أعنتموني عليها ؛ لأنّي أعظكم وآمركم بالمعروف ، وأنهاكم عن المنكر ، فإذا كبحْتُم أنفسكم بلجام العقل الداعي إلى ما أدعو إليه ؛ فقد أعنتموني عليها .
فإن قلت : ما معنى قوله : « أريدكم للّه وتريدونني لأنفسكم »؟
قلت : لأ نّه لا يريد من طاعتهم له إلاّ نصرة دين اللّه والقيام بحدوده وحقوقه ؛ ولا يريدهم لحظّ نفسه ، وأمّا هم فإنهم يريدونه لحظوظ أنفسهم من العطاء والتقريب ، والأسباب الموصّلة إلى منافع الدنيا .
وهذا الخطاب منه عليه السلام لجمهور أصحابه ؛ فأمّا الخواصّ منهم فإنّهم كانوا يريدونه للأمر الذي يريدهم له من إقامة شرائع الدين وإحياء معالمه .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147306
صفحه از 712
پرینت  ارسال به