فإن قلت : كيف يقول عليه السلام : الباطل ما يُسمع والحق ما يُرى ، وأكثر المعلومات إنما هي من طريق السماع ، كعلمنا الآن بنبوّة محمد صلى الله عليه و آله وسلم بما بلغنا من معجزاته التي لم نرها ، وإنما سمعناها!
قلت : ليس كلامه في المتواتر من الأخبار ، وإنما كلامه في الأقوال الشاذّة الواردة من طريق الآحاد ، التي تتضمّن القَدْح فيمن قد غلَبت نزاهته ، فلا يجوز العدولُ عن المعلوم بالمشكوك .
142
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلاموَلَيْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ، وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ ، مِنَ الْحَظِّ فِيَما أَتى إِلاَّ مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ ، وَثَنَاءُ الْأَشْرَارِ ، وَمَقَالَةُ الْجُهَالِ ، مَا دَامَ مُنْعِماً عَلَيْهِمْ؛ مَا أَجْوَدَ يَدَهُ ! وَهُوَ عَنْ ذَاتِ اللّهِ بَخِيلٌ .
فَمَنْ آتَاهُ اللّهُ مَالاً فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ ، وَلْيُحْسِنْ مِنْهُ الضِّيَافَةَ ، وَلَْيَفُكَّ بِهِ الْأَسِيرَ وَالْعَانِيَ ، وَلْيُعْطِ مَنْهُ الْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ ، وَلْيَصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَى الْحُقُوقِ وَالنَّوَائِبِ ، ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ؛ فَإِنَّ فَوْزاً بِهذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا ، وَدَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ؛ إِنْ شَاءَ اللّهُ .
الشّرْحُ :
هذا الكلام يتضمّن ذمّ من يُخرج ماله إلى الفتيان والأقران والشعراء ، ونحوهم ، ويبتغي به المدحَ والسمعة ، ويعدل عن إخراجه في وجوه البر وابتغاء الثواب ، قال عليه السلام : ليس له من الحظّ إلاّ محمَدة اللئام وثناء الأشرار ، وقولهم : ما أجود يده ! أي ما أسمحه ! وهو بخيل بما