491
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

والذي يلقى عصا التكليف عنده .

الأصْلُ :

۰.منها :وَطَالَ الْأَمَدْ بِهِمْ لِيَسْتَكْمِلُوا الْخِزْيَ ، وَيْسْتَوْجِبُوا الْغِيَرَ حَتَّى إِذَا اخْلَوْلَقَ الْأَجَلُ ، وَاسْتَرَاحَ قَوْمٌ إِلَى الْفِتَنِ ، وَاشْتَالُوا عَنْ لَقَاحِ حَرْبِهِمْ ، لَمْ يَمُنُّوا عَلَى اللّهِ بِالصَّبْرِ ، وَلَمْ يَسْتَعْظِمُوا بَذْلَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْحَقِّ؛ حَتَّى إِذَا وَافَقَ وَارِدُ الْقَضَاءِ انْقِطَاعَ مُدَّةِ الْبَلاَءِ ، حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ عَلَى أَسْيَافِهمْ ، وَدَانُوا لِرَبِّهِمْ بَأَمْرِ وَاعِظِهِمْ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
490

قوله عليه السلام : « في سترة عن الناس » ، هذا الكلام يدلّ على استتار هذا الإنسان المشار إليه ، ثم يظهر بعد ذلك الاستتار ؛ ويملك الممالك ؛ ويقهر الدّول ؛ ويمهّد الأرض ؛ كما ورد في قوله : « لا يبصِر القائف » ، أي هو في استار شديدٍ لا يدركه القائف ، وهو الذي يعرف الآثار ، والجمع « قَافة » ، ولا يعرف أثره ولو استقصى في الطلب ؛ وتابع النّظر والتأمل . ويقال : شَحَذْتُ السّكين أشحَذُه شَحْذاً ، أي حدّدتَه ، يريد : لَيُحَرّضنّ في هذه الملاحم قوم على الحرب وقتل أهل الضلال ، ولتُشحَذنّ عزائمهم كما يشحَذ الصَّيْقل السيف ، ويرقّق حَدّه .
ثـم وصف هؤلاء القوم المشحوذِي العزائم ؛ فقال : تجْلَى بصائرُهم بالتنزيل ، أي يكشف الرَّيْن والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن وإلهامهم تأويلَه ومعرفة أسراره . ثم صرّح بذلك فقال : « ويرمي بالتفسير في مسامعهم » ، أي يكشف لهم الغطاء ، وتخلَق المعارف في قلوبهم ، ويلهَمون فَهْمَ الغوامض والأسرار الباطنة ، ويغبَقون كأسَ الحكم بعد الصّبوح ، أي لا تزال المعارف الربّانية والأسرار الإلهية تفيض عليهم صباحاً ومساءً ؛ فالغَبوق كناية عن الفيْض الحاصل لهم في الآصال ، والصّبوح كناية عمّا يحصل لهم منه في الغَدَوات ، وهؤلاء هم العارفون الذين جمعوا بيـن الزهد والحكمة والشجاعة ؛ وحقيق بمثلهم أن يكونوا أنصارا لوليّ اللّه الذي يجتبيه ، ويخلقه ۱ في آخر أوقات الدنيا ، فيكون خاتمة أوليائه ،

1.بل إنّ وليّ اللّه الإمام المهدي عليه السلام قد ولد في الخامس عشر من شعبان سنة ۲۵۵ ه وقد ثبت ذلك ليس فقط عند جمهور الشيعة بل عند الكثير من أعلام أهل السنة ومحدّثيهم . وأما غيبته فهي كولادته ثابتة أيضاً ، وأنّها كانت بعد وفاة أبيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام سنة ۲۶۰ ه . والإيمان به ضرورة من ضروريات مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وقد استدل على حادثة ولادته واستمرار وجوده المبارك بعدة أدلة منها : الأحاديث الكثيرة المروية عن النبي صلى الله عليه و آله وسلموأهل بيته عليهم السلام ، وأهمها « حديث الخلفاء اثنا عشر » فقد روي عن جابر بن سمرة : « لا تزال هذه الأُمة مستقيماً أمرها ، ظاهرة على عدوّها ، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ، ثمَّ يكون المرج » [كنز العمال ۱۲ : ۳۲ / ۳۳۸۴۸] ويعلّق السيد الشهيد الصدر قدس سره : « إن الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر وإنه ليس انعكاساً لواقع ، وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانيّة نطق بها من لا ينطق عن هوى ، فقال : إن الخلفاء بعد اثنا عشر ، وجاء الواقع الإمامي الاثنا عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي ؛ ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف » بحث حول المهدي : ۵۴ ـ ۵۵ . والحديث الثاني : حديث الثقلين : « إني تارك فيهم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ... » ودلالته على وجوب التمسّك بأهل البيت في كل زمان واضحة ، كما أن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض » يدل على عدم وجود أي انقطاع بينهما ، ولو لم يكن المهدي عليه السلام مولوداً ، لما فهم الوجه من قوله صلى الله عليه و آله وسلم : « لن يفترقا ... » . وهناك أحاديث كثيرة لأهل البيت عليهم السلام أعرضنا عنها طلباً للاختصار . ومنها : إقرار الإمام الحسن العسكري عليه السلام والد المهدي عليه السلام بولادة ابنه عليه السلام أمام الكثير من أصحابه وأنه هو المهدي الموعود في آخر الزمان والتي بشّرت به أحاديث جدّه المصطفى صلى الله عليه و آله وسلم وقد نقل هؤلاء الأصحاب أمر ولادته عن أبيه ونصّه على إمامته من بعده وقد تناقله الشيعة من بعدهم جيلاً بعد جيل . [أُصول الكافي ۱ : ۲۶۴/۲ كتاب الحجّة باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار] . كما قد شاهده عدة من أصحابه ، وقد عاشوا مؤمنين بذلك فترة الغيبة الصغرى ، وقد تعاملوا معه تعاملاً حسيّاً من خلال النوّاب الأربعة « رحمهم اللّه » . ومنها : اتفاق مجموعة كبيرة جداً ، من مختلف البلدان على تسجيل ولادة الإمام المهدي عليه السلام ، فيهم المالكي ، والحنفي ، والشافعي ، والحنبلي ، فضلاً عن اتفاق علماء الشيعة جيلاً بعد جيل . ومنها : اعتراف عدد كبير يربو على المئة من محدّثي ومفسري ومؤرخي أهل السنّة ، اعترافاً صريحاً بولادة الإمام المهدي عليه السلام ، وقد صرّح أكثرهم أ نّه عليه السلام هو الإمام الموعود بظهوره في آخر الزمان ومن هؤلاء : محمد بن أحمد أبوبكر البغدادي (ت / ۳۲۲ ه) في مواليد الأئمة . وأبو نعيم الأصفهاني (ت ۴۳۰ ه) في الأربعين حديثاً . وابن الخشّاب (ت ۵۳۶ ه) في تاريخ مواليد الأئمة . وياقوت الحموي (۶۲۶ ه) في معجم البلدان . وابن الأثير (۶۳۰ ه) في الكامل في حوادث سنة ۲۶۰ ه . وصلاح الدين الصفدي (ت ۷۶۴ ه) في الوافي بالوفيات ۲ : ۳۳۶ . وابن الصباغ المالكي (ت۸۵۵ ه) في الفصول المهمة ، وغيرهم كثير أعرضنا عنهم خوف الإطالة . (انظر : دفاع عن الكافي ، ثامر العميدي ۱ : ۵۶۸ وما بعدها) . وأخيراً لا ينفع ابن أبي الحديد إنكار أمر ولادته وغيبته بعد تصريح الإمام علي عليه السلام به في خطبته .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 183388
صفحه از 712
پرینت  ارسال به