يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ ، وَيَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ ؛ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ ، وَتَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ ، وَتَثْلِمُ مَنَارَ الدِّينِ ، وَتَنْقُضُ عَقْدَ الْيَقِينِ . يَهْرُبُ مِنْهَا الأَكْيَاسُ ، وَيُدَبِّرُهَا الْأَرْجَاسُ ، مِرْعَادٌ مِبْرَاقٌ ، كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ ! تُقْطَعُ فِيهَا الأَرْحَامُ ، وَيُفَارَقُ عَلَيْهَا الإِسْلاَمُ ! بَرِيُّهَا سَقِيمٌ ، وَظَاعِنُهَا مُقِيمٌ!
الشّرْحُ :
مداحر الشيطان : الأُمور التي يُدحَرُ بها ، أي يطرد ويبعد ، دحرتُه أدْحَرُهُ دُحوراً ، قال تعالى : « دُحُورا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ » 1 ، وقال سبحانه : « اخرُجْ مِنهَا مَذْءُوما مَدْحورا » 2 ، أي مقصىً . ومزاجره : الأُمور يزجر بها ؛ جمع مَزْجر : ومَزْجرة ، وكثيراً ما يبني عليه السلام من الأفعال « مَفْعلاً » و
« مَفْعَلة » ويجمعه ؛ وإذا تأمّلت كلامه عرفت ذلك . وحبائل الشيطان : مكائده وأشراكه التي يُضِلّ بها البشر . ومخاتله : الأُمور التي يخْتل بها ، بالكسر ، أي يخدع . لا يُؤازى فضله : لا يساوَى ، واللفظة مهموزة ، آزيت فلاناً : حاذيته ، ولا يجوز « وازيته » . ولا يجبر فقدُه : لا يسدّ أحدٌ مسدّه بعده . والجفوة الجافية : غِلَظ الطّبع وبلادة الفهم . ويستذِلّون الحكيم : يستضيمون العقلاء ، واللام هاهنا للجنس . يحيوْن على فَتْرة : على انقطاع الوحي ما بين نبوّتين . ويموتون على كَفْرة ، بالفتح ، واحد الكَفَرات ، كالضربة واحدة الضّربات .
ويروى : « ثم إنّكم معشر الناس » . والأغراض : الأهداف . وسكرات النعمة : ما تحدثه النّعم عند أربابها من الغَفْلة المشابهة للسُّكر . ومن كلام الحكماء : للوالي سَكْرة لا يُفيق منها إلاّ بالعزْل . والبوائق : الدّواهي ، جمع بائقة ؛ يقال : باقَتْهُم الدّاهية بَوْقا ، أي أصابَتْهم ، وكذلك : باقتهم بؤوق على « فَعول » ، وابتاقت عليهم بائقة شرّ ، مثل انباحت ، أي انفتقت ، وانباقَ عليهم الدّهر : هجم بالداهية ، كما يخرُج الصوت من البُوق ، وفي الحديث : « لا يدخل الجَنّة من لا يأمن جارُه بوائقَه » ، أي غوائله وشرّه . والقَتَام ، بفتح القاف : الغبار . والأقتم : الذي يعلوه قَتَمة ؛ وهو لون فيه غبرة وحُمْرة . والعِشْوة ، بكسر العين : ركوب الأمر على غير بيان ووضوح . ويروى : « وتبيّنوا في قَتَام العِشْوة » كما قرئ : « إنْ جَاءَكَمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ