لغموض الشّبهة واستيلاء الباطل على أهل وقتها . ويكون معنى الفقرة الثانية على هذا التفسير أنّ الراكب الذي هو بمظنّة النّجاة لا ينجُو . والركْبان : جمع راكب ، ولا يكون إلاّ ذا بعِير . قوله : تَرِدُ بمُرّ القضاء ، أي بالبوار والهلاك والاستئصال .
فإن قلت : أيجوز أن يقال للفتنة القبيحة : إنها من القضاء؟
قلت : نعم ، لا بمعنى الخلْق بل بمعنى الإعلام ، كما قال سبحانه : « وَقَضَيْنَا إلَى بني إسْرَائيلَ فِي الكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ »۱ ، أي أعلمناهم .
قوله : « وتحلُب عَبِيط الدماء » ، أي هذه الفتنة يحلُبها الحالب دما عبيطا ، وهذه كناية عن الحرب ، وقد قال عليه السلام في موضع آخر : « أما واللّه ليحلبنّها دماً ، وليتبعنها ندماً » . والعبيط : الدم الطريّ الخالص . وثَلَمت الإناء ، أثلِمه بالكسر . والأكياس : العقلاء . والأرجاس : جمع
رِجْس ، وهو القَذَر والنّجس ، والمراد هاهنا الفاسقون . قوله : « مِرْعادٌ مبراقِ » ، أي ذات وعيد وتهدّد ، ويجوز أن يعني بالرّعد صوتَ السلاح وقعقعته ، وبالبرق لونَه وضوءه . وكاشفة عن ساقٍ : عن شدّة ومشقة .
قوله : « بريئها سقيم » ؛ يمكن أن يعني بها أنّها لشدّتها لا يكاد الّذي يبرأ منها وينفض يده عنها يبرأ بالحقيقة ، بل لابدّ أن يستثنيَ شيئا من الفسق والضلال ، أي لشدّة التباس الأمر واشتباه الحال على المكلّفين حينئذٍ . ويمكن أن يعني به أنّ الهارب منها غير ناجٍ ، بل لابدّ أن يصيبه بعض معرّتها ومضرّتها . وظاعنها مقيم ، أي ما يفارق الإنسان من أذاها وشرّها ، فكأنه غير مفارق له ؛ لأ نّه قد أبقى عنده ندوبا وعقابيل من شرورها وغوائلها .
الأصْلُ :
۰.منها :بَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ ، وَخَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ ، يَخْتِلُونَ بِعَقْدِ الأَيْمَانِ وَبِغُرُورِ الاْءِيمَانِ؛ فَـلاَ تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ ، وَأَعْلاَمَ الْبِدَعِ . وَالْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ؛ وَاقْدَمُوا عَلَى اللّهِ مَظلُومِينَ ، وَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ؛ وَاتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ وَمَهَابِطَ الْعُدْوَانِ ؛ وَلاَ تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ الْحَرَامِ ، فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ مَنْ