فَإِنَّ الْمِثْلَ دَلِيلٌ عَلَى شِبْهِهِ .
إِنَّ الْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا ؛ وَإِنَّ السِّبَاعَ هَمُّهَا الْعُدْوَانُ عَلَى غَيْرِهَا؛ وَإِنَّ النِّسَاءَ هَمُّهُنَّ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْفَسَادُ فِيهَا . إِنَّ الْمُؤمِنِينَ مُسْتَكِينُونَ . إِنَّ الْمُؤمِنينَ مُشْفِقُونَ . إِنَّ الْمُؤمِنينَ خَائِفُونَ .
الشّرْحُ :
عزائم اللّه ، هي موجباته والأمر المقطوع عليه ، الذي لا ريبَ فيه ولا شبهة ، قال عليه السلام : إنّ من الأُمور التي نصّ اللّه تعالى عليها نصّا لا يحتمل التأويل ـ وهي من العزائم التي يقطع بها ، ولا رجوع فيها ولا نسخ لها ـ أنّ مَنْ مات وهو على ذنْبٍ من هذه الذنوب المذكورة ـ ولو اكتفى بذلك عليه السلام لأغناه عن قوله : « ولم يتب » إلاّ أنه ذكر ذلك تأكيدا وزيادة في الإيضاح ـ فإنّه لا ينفعه فعل شيءٍ من الأفعال الحسنة ولا الواجبة ؛ ولا تفيدُه العبادة ؛ ولو أجهد نفسه فيها ، بل يكون من أهل النار . والذنوب المذكورة هي أنْ يتّخذ مع اللّه إلها آخر فيشرِكه في العبادة ، أو يقتل إنسانا بغير حقّ ، بل ليشفى غيظه ، أو يقذف غيره بأمرٍ قد فعله هو .
عرّه بكذا يعُرّه عَرّا ، أي عابه ولطّخه ، أو يروم بلوغ حاجةٍ من أحدٍ بإظهار بدعة في الدين ، كما يفعل أكثرُ النّاس في زماننا ، أو يكون ذا وَجْهين ؛ وهو أيضا قوله : « أو يمشي فيهم بلسانين » ؛ وإنما أعاده تأكيداً .
ثم أمرَ عليه السلام بأن يُعقَل ما قاله ، ويُعلَم باطن خطابه ؛ وإنما رَمَز بباطن هذا الكلام إلى الرؤساء يوم الجمل ؛ لأنهم حاولوا أن يشفوا غيظهم بإهلاكه وإهلاك غيره من المسلمين ، وعَرُّوه ۱ عليه السلام بأمرٍ هم فعلوه ، وهو التأليب على عثمان وحصْرُه ، واستنجحوا حاجتهم إلى أهلِ البصرة بإظهار البدعة والفتنة ، ولقُوا الناس بوجهين ولسانين ؛ لأنهم بايعوه وأظهروا الرضا به ، ثم دَبّوا له الخَمرَ ۲ ، فجعل ذنوبهم هذه مماثلة للشِّرك باللّه سبحانه ؛ في أنها لا تُغْفَر إلاّ بالتوبة ، وهذا هو معنى قوله : « اعقل ذلك » فإنّ المِثْل دَليل على شبهه . وَرُوي « فإنّ