« معجَبين » ثم قال : و « متعجبين » ، فـ « معجَبين » من قولك : أُعجِب فلان برأيه ، وبنفسه فهو معجَب بهما ، والاسم : العُجْب بالضم ؛ ولايكون ذلك إلاّ في المستحسَن ، و « متعجبين » من قولك : تعجبت من كذا ، والاسم : العَجَب . وقد يكون في الشيء يُستحسن ويُستقبح ويُتَهوّل منه ويستغرب ؛ ومراده هنا التهوُّل والاستغراب ؛ وفي بعض الروايات : « معجِبين ببدائعه » ، أي أنّهم يعجِبون غيرهم . والنواصع : الخالصة . وثواقب الكلم : مضيئاتها ؛ ومنه الشهاب الثاقب . وحذا كلّ قائل : اقتفى واتّبع . وقوله : « مَسْحة » يقولون : على فلان مَسحة من جمال ؛ مثل قولك : شيء ، وكأنه هاهنا يريد ضوءا وصِقالا . وقوله : « عبقة » ، أي رائحة ، ولو قال عِوض « العلم الإلهي » « الكتاب الإلهي » لكان أحسن .
قال الرضيّ رحمه الله :
( فأجبتُهم إلى الابتداء بذلك ، عالماً بما فيه من عظيم النفع ، ومنشور الذكر ، ومذخور الأجر . واعتمدت به أن أُبيّن من عظيم قَدْر أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الفضيلة ، مضافة إلى المحاسن الدّثِرة ، والفضائل الجمّة ، وأنّه انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأولين ، الذين إنّما يُؤثَر عنهم منها القليل النادر ، والشاذّ الشارد ؛ فأمّا كلامُه عليه السلام فهو البحر الذي لا يُساجَل ، والجمّ الذي لا يحافَل ، وأردت أن يسوغَ لي التمثُّل في الافتخار به صلوات اللّه عليه بقول الفرزدق :
أُولئِك آبائي فجئني بمثْلِهِمْإذَا جَمَعَتْنَا يَا جَريرُ الَْمجَامِعُ )
الشرح :
المحاسن الدثرة : الكثيرة ، مال دَثِر ، أي كثير ، والجمّة ؛ مثله . ويؤثر عنهم ، أي يحكى وينقل ، قلته آثرا ، أي حاكيا . ولا يساجَل ، أي لا يكاثَر ، أصلُه من النزع بالسّجل ، وهو الدّلو المليء .
ويُروى : « يُساحل » ، بالحاء ، من ساحل البحر وهو طرَفه ، أي لا يشابه في بُعْد ساحِله . لا يحافل ، أي لا يفاخَر بالكثرة ، أصلُه من الحفْل ، وهو الامتلاء . والمحافلة : المفاخرة بالامتلاء ، ضرع حافل ، أي ممتلئ .