تعالى ، وعظيم مخلوقاته بمكيال عقله ، فقد ضل ضلالاً مبيناً . وروي : « وفكره جائراً » ، بالجيم ، أي عادلاً عن الصواب . والحسير : المتعَب . والمبهور : المغلوب . والواله : المتحيّر .
الأصْلُ :
۰.منها :يَدَّعِي بِزَعْمِهِ أنّهُ يَرْجُو اللّهَ ، كَذَبَ وَالْعَظِيمِ ! مَا بَالُهُ لاَ يَتَبَيَّنُ رَجَاؤهُ فِي عَمَلِهِ ؟ فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤهُ فِي عَمَلِهِ ـ إِلاَّ رَجَاءَ اللّهِ ـ فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ ، وَكُلُّ خَوْفٍ مُحْقَّقٌ ـ إِلاَّ خَوْفَ اللّهِ ـ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ . يَرْجُو اللّهَ فِي الْكَبِيرِ ، وَيَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ ، فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا لاَ يُعْطِي الرَّبَّ ! فَمَا بَالُ اللّهِ جَلَّ ثَنَاؤهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ لِعِبَادِهِ ؟ أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً ؟ أَوْ تَكُونَ لاَ تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً ؟ وَكَذلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ ، أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لاَ يُعْطِي رَبَّهُ ، فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً ، وَخَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً وَوَعْداً . وَكَذلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ ، وَكَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ ، آثَرَهَا عَلَى اللّهِ ، فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا ، وَصَارَ عَبْداً لَهَا .
الشّرْحُ :
يجوز « بزُعمه » بالضم و « بزَعْمه » بالفتح ، و « بِزِعْمه » بالكسر ، ثلاث لغات ، أي بقوله ، فأمّا من « زعمت » ، أي كفلت ، فالمصدر « الزَّعم » بالفتح ، والزّعامة .
ثم أقسم على كذب هذا الزَّاعم ، فقال : « والعظيم » ، ولم يقل : واللّه العظيم ، تأكيدا لعظمة البارئ سبحانه ؛ لأنّ الموصوف إذا ألقِيَ وتُرِك واعتمِد على الصّفة حتى صارت كالاسم ، كان أدلّ على تحقّق مفهوم الصفة ، كالحارث والعباس . ثم بيّن مستنَد هذا التكذيب ، فقال : ما بالُ هذا الزاعم ! إنّه يرجو ربَّه ، ولا يَظهر رجاؤه في عمله ، فإنّا نَرَى مَنْ يَرجو واحدا من البشر يلازم بابه ؛ ويواظب على خدمته ويتحبّب إليه ، ويتقرّبُ إلى قلبه بأنواع الوسائل والقُرَب ؛ ليظفَر بمراده منه ، ويتحقّق رجاؤه فيه ، وهذا الإنسان الذي يزعم أ نّه يرجُو اللّه تعالى ، لا يظهر من أعماله الدينية ما يدلّ على صدق دَعْواه . ومراده عليه السلام هاهنا ليس شخصا