وَآلِهِ ـ عَلَماً لِلسَّاعَةِ ، وَمُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ ، وَمُنْذِراً بِالعُقُوبَةِ . خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً ، وَوَرَدَ الاْخِرَةَ سَلِيماً . لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ ، وَأَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ . فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللّهِ عِنْدَنَا حِينَ أَ نْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفاً نَتَّبِعُهُ ، وَقَائِداً نَطأُ عَقِبَهُ ! وَاللّهِ لَقَدْ رَقَعْتُ مِدْرَعَتِي هذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا . وَلَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ : أَلاَ تَنْبِذُهَا عَنْكَ ؟ فَقُلْتُ : اغْرُبْ عَنِّي ؛ فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى ۱ .
الشّرْحُ :
المقتصّ لأثره : المتّبع له ، ومنه قوله تعالى : « وَقالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ »۲ . وقَضَم الدنيا : تناول منها قَدْر الكَفاف ، وما تدعُو إليه الضرورة من خَشِن العيشة ، وقال أبو ذَرّ رحمه اللّه : « يَخضِمون ونقضِم ، والموعد اللّه ! » . وأصلُ القَضْم ، أكلُ الشيء اليابس بأطراف الأسنان ، والخَضْم : أكلٌ بكلّ الفم للأشياء الرّطبة ، وروي : « قَصَم » بالصاد ، أي كسر . قوله : « أهضَمُ أهلِ الدّنيا كشحاً » الكشْحُ : الخاصرة ، ورجلٌ أهضَم : بيِّن الهَضم ؛ إذا كان خميصا لِقلّةِ الأكل . وروي : « وحقَر شيئا فحقَره » بالتخفيف . والشّقاق : الخلاف . والمحادّة : المعاداة . وخَصَف النَّعْل : خرزها . والرياش : الزينة ، والمِدْرعة . الدّرّاعة . وقوله : « عند الصّباح يحمد القوم السرى » ؛ مثل يضرب لمحتمِل المشقّة العاجلة ، رجاء الراحة الآجلة .
جاء في الأخبار الصّحيحة أنه عليه الصلاة والسلام ، قال : « إنّما أنا عبدٌ آكل أكلَ العبيد ، وأجلس جِلْسة العبيد » . وجاء في الأخبار الصحيحة النهيُ عن التصاوير وعن نصب الستور التي فيها التصاوير ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمإذا رأى سِتْرا فيه تصاوير أمر أن تقطع رأس تلك الصورة .
قوله : « لم يضع حَجَرا على حَجَر » هو عين ما جاء في الأخبار الصحيحة ، خَرَج رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم من الدنيا ولم يضع حجَراً على حجر .
وجاء في أخبار عليّ عليه السلام التي ذكرها أبو عبد اللّه أحمد بن حنبل في كتاب فضائله ، قيل